مقالات

حول الصراع المحتدم بين السلفيين والأشاعرة

بقلم : بسام ناصر*
إذا تعذّر التفاهم السلفي الأشعري، فلا أقل من التعايش بسلام !
هل السلفيون والأشاعرة بحاجة إلى ميثاق تعايش بالفعل؟
في تقديري.. نعم، هم بحاجة ماسة جدا إلى ذلك.
حينما يبلغك أن أفرادا من كلا الطرفين يسعون لإقصاء من يعدّه كل طرف منهم عدوا خطيرا على العقيدة والدين، فيجب إسكاته، والحجر عليه، حتى يراجع ضلاله العقدي، ويتوب عن انحرافه الديني الخطير، فإن الأمر يتطلّب معالجة جادة وسريعة وحكيمة.
قد يسعى بعضهم – من كلا الطرفين كذلك – للاستعانة بمؤسسات الدولة – أي دولة – المتنفّذة لإقصاء المخالف وإسكاته من الطرف الآخر، وقد حدث هذا مرارا وتكرارا، وليس ثمة ما يمنع من حدوثه الآن وغدا ومستقبلا.
حينما تعرف طريقة التفكير لدى أتباع الاتّجاهين، فإنك لن تستغرب إذا ما سمعت أن شيوخا وطلبة علم ودعاة، من كلا الطرفين، لجأوا إلى الأجهزة المتنفّذة لإسكات مخالفيهم وقمعهم، تحت ذريعة قمع الضلالة، ووأد الانحراف العقدي، وحماية المجتمع من تلك الأخطار الفاتكة والمفسدة لدين المسلمين، والمشوّهة لعقائدهم، كل حسب تصوّره واعتناقه.
أمام هذا الواقع المؤسف، والحالة القلقة والمزعجة، والتي تتعاظم في السوء يوما بعد آخر، ما السبيل للتعامل مع هذه الخلافات العقدية المحتدمة، التي تدفع كلا الطرفين بشراسة بالغة، لمهاجمة بعضهم بعضا، ولا تجعل أحدهم يتورّع عن الإساءة للآخر، لا بل استحلال الكذب عليه؟ وهل ثمة آفاق لإنهاء تلك الخلافات وحسمها؟ في تقديري، أن كل المعنيين بالقضية لا يتردّدون في الإجابة أنه لا سبيل لإنهائها وحسمها، بمعنى أنه كما قامت وتأسّست وتوسّعت واستقرت عبر مراحل التاريخ الإسلامي المتعاقبة، وستبقى موجودة في زماننا الحاضر، وفي المستقبل.
أما انتشار مذهب في زمن ما، وعلو صوت شيوخه ودعاته وأتباعه في وقت بعينه، فلا تعود في فواعلها الحقيقية إلى المذهب بذاته، إنما هي اختيارات وخيارات وفواعل سياسية، تقرّب هذا المذهب حينا، وتبعد الآخر حينا آخر، وهكذا دواليك..
خلاصة القول: إذا تعذّر التفاهم والحوار السلفي الأشعري، وإذا انعدمت سبل الجدل بالتي هي أحسن بين الطرفين، فلا أقل من أن يوطّنوا أنفسهم للتعايش في أوطانهم بسلام، وليعتقد كل طرف ما يراه حقا وصوابا، وليكفّوا جميعا عن مهاجمة بعضهم بعضا بهذه القسوة والشراسة والعدوانية، والأهم من ذلك كله أن يتحرّروا من نزعة الاستعلاء العقدي الموهوم، وامتلاك الحق والحقيقة، التي تفضي بأصحابها إلى استغلال أية وسيلة، وسلوك كل الطرق لإسكات المخالف وقمعه وإقصائه.

* كاتب وباحث في الفكر الإسلامي.
* (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق