مقالات

ما هكذا يكون الدفاع عن ابن تيمية !!

بقلم : بسّام ناصر*
يحسب بعضهم أنه بإضفاء الصفات العظيمة على (شيخ الإسلام) ابن تيمية من أنه كذا وكذا وكذا (من صفات التعظيم والتبجيل )أنه يدافع عنه أّما دفاع في مواجهة من يهاجمونه وينتقدونه بشدة وقسوة، فيصفونه بالتجسيم والتشبيه وما إلى ذلك من الأوصاف المتداولة في قواميسهم.. وفي الوقت نفسه تراهم (من يتصدّر للدفاع عن ابن تيمية) لا يتوانون عن مهاجمة الآخرين ونعتهم بالأوصاف الطاعنة في دينهم وعقيدتهم كالمعطلة والجهمية ونفاة الصفات وما إلى ذلك..
من يريد أن يدافع عن ابن تيمية بحق وإنصاف، فليقرأ ابن تيمية قراءة متأنيّة أولا، وليجتهد في فهم كلامه فهما صحيحا، وهذا والله أمر شاق وعسر ومتعب جدا، فتتبع ما كتبه ابن تيمية وفهمه جيدا، وهضمه بشكل صحيح ، يستلزم قراءات مطولة، وعقلية قادرة على فهم تلك المباحث والموضوعات، بما فيها من مباحث فلسفية وكلامية معقّدة وشائكة، ويتطلّب صبرا وجلدا على أسلوب ابن تيمية في استطراداته المطوّلة..
أضع هذا النص الذي عادة ما يستدل به متهمو ابن تيمية بالتجسيم، ليقرأه كل محب لابن تيمية، وليحاول فهمه فهما جيدا، وليحاكم النص كما لو أن قائله ليس ابن تيمية، ولا ينساق للدفاع من غير فهم ولا وعي ولا تحقيق، بل ينظر بروية وتأنٍ..
“ومعلوم أن كون البارئ ليس جسمًا ليس هو مما تعرفه الفطرة والبديهة ولا بمقدمات قريبة من الفطرة، ولا بمقدمات بيّنة في الفطرة؛ بل بمقدمات فيها خفاء وطول، وليست مقدمات بيّنة، ولا متفقًا على قبولها بين العقلاء؛ بل كل طائفة من العقلاء تبيّن أن من المقدّمات التي نفت بها خصومها ذلك ما هو فاسد معلوم الفساد بالضرورة عند التأمل وترك التقليد، وطوائف كثيرة من أهل الكلام يقدحون في ذلك كله، ويقولون: بل قامت القواطع العقلية على نقيض هذا المطلوب، وأن الموجود القائم بنفسه لا يكون إلا جسمًا، وما لا يكون جسمًا لايكون إلا معدومًا. ومن المعلوم أن هذا أقرب إلى الفطرة والعقول من الأول”.
يقول ابن تيمية : ” ومعلوم أن كون البارئ ليس جسمًا، ليس هو مما تعرفه الفطرة والبديهة ولا بمقدمات قريبة من الفطرة..” الذي استقر في الفطرة أن “كل ما خطر ببالك فالله خلاف ذلك” والفطرة والبديهة تنفي عن الله الجسمية، لأن الله خلاف كل ما يخطر ببال الناظر، ومن ضمن ما يخطر بباله الجسمية، فكيف يمكن فهم هذا الكلام لابن تيمية الذي يستدل به خصموه على أنه يثبت الجسمية لله بصريح العبارة، وفق قولهم: “وأن الموجود القائم بنفسه لا يكون إلا جسما، وما لا يكون جسما لا يكون إلا معدوما” ثم يصف هذا القول بقوله “ومن المعلوم أن هذا أقرب إلى الفطرة والعقول من الأول”؟؟

* كاتب وباحث في الفكر الإسلامي.
* (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق