مقالات

تماوت النهضة يميتُ الرئيس

نورالدين العلوي*
يبدو أن مناصري الانقلاب،كانوا يعوِّلون على دفع الرئيس إلى صِدام مع حركة النهضة، ينتجُ “رابعة 2″،لكن انسحاب حركة النهضة من الساحة وإصدارها ما يشبه النقد الذاتي، وتحمّل المسؤولية عن وضع ما قبل 25 يوليو/ تموز، خفّفَ التوتّر، فلم يجد الانقلاب، عدوًّا ظاهرًا يحوّل عليه التوتّر العالي ،الذي صاحب ساعاته الأولى.
من ثم ،بدأت عملية البحث عن عدو، فلم يعثر الرئيس وحزامه الاستئصالي -خاصة -على عدو واضح، وانكشف أن الحريّة قد صارت روحًا سارية في الناس،فلم يتراجع المدوِّنون عن الكتابة الساخرة وترذيل ظهور الرئيس المرعوب من المسؤولية،التي حملها طائعًا وبلا نفط القذافي.
لقد انكشف حجم مغامرة الرئيس، ولكنه يمعن في التقدّم على طريقه، ويترجم عنه شقيقه ما يفيد نجاحًا باهرًا،لكن دون تحديد مجاله، بينما هو لا يلقي بالًا لأي تصريح معارض مهما كان لطفه، بل يبدو مستغنيّا عن التودُّد الذي تبديه حركة النهضة (كما لو أنه يقول للجميع لا أحتاج أحدًا بجانبي).
والعناد والمكابرة لم يظهرا في شكل حكومة كفؤة، ولا في مراسيم قابلة للتنفيذ السريع تضعه أمام خيارَين أحلامهما مرّ .
المزيد من التقدُّم على الطريق المسدود، الذي هو انتحار سياسي، لن يجديه إغراء الشباب العاطل بمناصب في الدولة لم يتعلّموا قبل كيف يديرونها، أو التراجُع في اتجاه الوضع الدستوري، بما في ذلك فتح البرلمان وعودته إلى لعب دوره المعتاد، الذي يعني إنهاء مشروعه الشخصي، وهو انتحار بصيغة أخرى، إذ لن يبقى لديه ما يفعله أو يقوله للناس.
في أجواء الرفض والتوجُّس، ومع موجات حديث ساخر من حركات الرئيس، هناك حالة من التصبُّر على الوضع بانتظار انقضاء مدة الشهر، الذي التزمه الرئيس للعودة إلى الوضع الدستوري، وبعض هذا التصبُّر، ينبني على إيمان بفشل مشروع الرئيس، لكنه يجتنب المواجهة قبل أوانها، بمنطق “لندعه يصطدم بالجدار”.
بعد شهر نرجِّح أن المواقف ستتّضح أكثر، في ضوء إمعان الرئيس في ما اعتزمه، وفي ما اختلف فيه قطاع واسع من النخب والأحزاب مع الرئيس.
كيف سيلزمونه بالحفاظ على شكل الدولة، وعلى مؤسّساتها؟ وكيف سيتعاملون مع عناده؟ لم يبقَ الكثير على نهاية الشهر، ونظنّ أن الجميع يستعدّ لمعركة حاسمة، سيكون ثمنها المزيد من تردّي الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
وأهم مؤشّر على ذلك،هو الموقف الحاد الذي أعلنه الأمين العام السابق للنقابة، حسين العباسي -وهو شخصية مسموعة في الأوساط النقابية والسياسية-، في تصريح إذاعي بأن الرجل لا يعرف ما يفعل.
سيحتاج معارضو الرئيس إلى شارع، وقد يجدون حاجة ماسّة إلى شارع منظَّم يعرفون من يأمره بالحركة والسكون، وسيكون خريف تونس أسخن من صيفها، أما الوقت فقد خسرت منه تونس الكثير ،بفضل الرئيس وحزامه.

*كاتب تونسي

 (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق