مقالات

هل يتحالف الواقعيون في سوريا ؟

بقلم : طرفة بغجاتي

ما نحتاجه في سورية اليوم ،هو تحالف الواقعيين، لا أقول قاصداً العقلاء و لا الحكماء و لا الشرفاء و لا الوطنيين ،لأن هذه صفات بالأخير نسبية ،فالعاقل عند فقير مجنون عند الآخر ،والشريف هنا خائن هناك ،والوطني عند البعض عدو الوطن عند فريق آخر.
و لذلك جاء اقتراحي و مطالبتي بتحالف الواقعيين من كل جانب ،وهنا بعض الأمثلة مثالاً لا حصراً:
-) الواقعيون في صفوف النظام ،هم الذين استوعبوا أخيراً أنه لا استمرار و لا إعادة بناءٍ ولا عودة للمجتمع الدولي في ظل القمع الأمني و البطش العسكري وتسلّط الفرد الواحد.
-) الواقعيون في صفوف الكرد، هم الذين اقتنعوا أن لن يكون في سورية قائمة لحزب العمال (ب ك ك )و لجماعة أوجلان (حزب العمال الكُردستاني) ،بل هناك مساحة واسعة للامركزية معيّنك يتفق عليها، ترضي معظمَ الكُرد و تعطيهم حقوقهم.
-) الواقعيون في إدلب ،هم الذين فهموا أنه لا استمرار بحال تحت قيادة الجولاني وهيئة تحرير الشام ،مهما تم من تجميل و تهذيب و تغيير أسماء.
-) الواقعيون في المعارضة المقيمة باسطنبول ،هم الذين فهموا أن الدول تحافظ على مصالحها وأن أقصى ما سيصلون إليه هو التوظيف المؤقت ، الذي سينتهي مهما طال وتنتهي معه كل احلامهم .
-) الواقعيون في صفوف المعارضة الموالين لهذا النظام أو ذاك ،عربياً كان أم إقليمياً أم عالمياً ،هم الذين أقرّوا بأنهم بهذه الطريقة ليسوا إلا أحجار شطرنج ليس بيدها ما تفعله بل تنتظر قرار سيدها.
هذه خمسة أمثلةٍ عن الواقعيين الذين أتحدّث عنهم ،والذين أكاد أجزم أنهم لو تواصلوا مع بعضهم سرياً أو علنياً ،ووصلوا لاتفاقات الحد الأدنى و المتوسط ،أنه خلال أقل من عام سيكون عندنا منظومة سورية قوية ،تؤخذ وطنياً و عربياً و إقليمياً و عالمياً على محمل الجد. الأغلبية السورية الصامتة وعن قرب في الداخل و الخارج تنتظر حلاً في هذا الطريق. أعتقد أن كل خطوة في هذا الاتجاه ،تقرّبنا من الحل و كل خطوة عكسه تبعدنا عنه. و الحل الذي أعنيه،هو بداية بناء سورية ما بعد الديكتاتورية بكل هدوء و بشكل مختلف تماماً عنه في البلاد العربية الأخرى ،سواء كانت مصر أم العراق أم ليبيا أم تونس أم لبنان.

*ناشط وكاتب سوري

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق