مقالات

“على العمياني” مع حزب الله ضد الكيان الصهيوني

بقلم: أوّاب إبراهيم المصري*
قبل أيام ، نفّذت طائرات حربية إسرائيلية غارات وهميّة فوق مدينة بيروت وعدد من المناطق أصابت اللبنانيين بالرعب.لم يمضِ وقت طويل حتى تبيّن أن الغارات سببها حفظ ماء وجه العدو الصهيوني، بعد نجاح طائرة مسيّرة أطلقها حزب الله من الطيران لمدة 40 دقيقة فوق الكيان المحتل وعودتها سالمة إلى لبنان.
ككل شيء، تتحوّل الأحداث في لبنان إلى مادة سجاليّة بين مؤيّد ومعارض أياً كانت خلفياتها وأطرافها. حزب الله ومناصروه أشادوا بالانتصار الكبير الذي حققته “المقاومة” في اختراق المجال الجوي الصهيوني، وكسر صورة الجيش الذي لايُقهر. في المقابل. الناقمون على الحزب سخروا مما حقّقه وسخّفوه، وركّزوا على الرعب الذي سبّبته الغارات الوهميّة الإسرائيلية للبنانيين، ولم ينسوا التذكير بأن ما قام به حزب الله يؤكّد بأنه المتحكّم بقرار السلم والحرب وليس السلطة اللبنانية.
على مدى السنوات الماضية، ارتكب حزب الله أخطاء كثيرة بعضها لايُغتفر.وجّه سلاحه إلى صدور اللبنانيين في 7 أيار(مايو) 2008، عطّل العديد من الحكومات مشترطاً الخضوع لرغباته ومصالحه، عطّل انتخاب رئيس للجمهورية إلى أن تمّ انتخاب مرشحه، يشارك النظام السوري في قتل شعبه،يتدخّل في الأزمة اليمنية والبحرينية والعراقية، يشكّل رأس حربة المشروع الإيراني في المنطقة.كل هذا صحيح، لكن حين تكون المواجهة مع “الكيان الصهيوني”، يصبح لزاماً على جميع اللبنانيين تجاوز الأخطاء والعثرات مهما عظُمت، ليكونوا في مواجهة العدو الصهيوني. هذا لايعني نسيان ما قام ويقوم به الحزب، لكن حين يكون الطرف الآخر هو “الكيان الصهيوني”، تتأجّل الحسابات، ويُفترض باللبنانيين أن يكونوا جميعاً في مواجهة العدو، ولو أدّى ذلك إلى أن يكون خصوم حزب الله إلى جانبه في هذه المواجهة.
يحتكر حزب الله مهمة مواجهة “الكيان الصهيوني”، ويرفض أي مشاركة له في المقاومة إلا أن تكون من خلاله وتحت رايته، وهو يعمل بالتنسيق مع السلطة اللبنانية على منع أي طرف آخر من القيام بأي دور في مقاومة الكيان .هذا واقع مؤسف لايجب القبول به،لكنه لايبرّر أبداً أن يقف لبنانيون إلى جانب الكيان في مواجهة حزب الله، أو أن يسخروا من أي إنجاز يحقّقه الحزب في هذه المواجهة. لذلك، على اللبنانيين أن يفرحوا حين ينجح حزب الله بتحقيق مكسب في مواجهة الكيان، سواء من خلال تحليق طائرة مسيّرة فوق أراضي العدو، أو بتصنيع صواريخ دقيقة أو غيرها من الإنجازات، طالما أنها في مواجهة العدو الصهيوني. فدائماً حين تكون المعركة مع “الكيان الصهيوني” على جميع اللبنانيين الوقوف “على العمياني” في الجبهة المقابلة، أياً كان من يشاركهم هذه الجبهة.
ربما من الصعب الطلب من خصوم حزب الله مساندته ودعمه وتأييده في تطوير صواريخه، وفي تصنيع طائراته المسيّرة. لكن أقلّ الواجب ، هو عدم التقليل من أهمية ما يحقّقه الحزب في مواجهة الكيان ،طالما أن هذه الصواريخ والطائرات تُستخدم لحماية لبنان في مواجهة الكيان، لا أن تكون لحماية محور، وخدمة لمشروع لا علاقة للبنانيين به.
في بعض الأحيان، على خصوم حزب الله -وما أكثرهم- أن يتعالوا على جراحهم حين يكون العدو هو “الكيان الصهيوني” .في المواضيع الداخلية والمواضيع الخارجية، في الملفّات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لهم أن يختلفوا ويتخاصموا كما يشاؤون، فقط حين تكون المواجهة مع “الكيان الصهيوني” ، عليهم أن يكونوا إلى جانب بعضهم لخوض هذه المواجهة، وإلاّ يكونون في الجهة المقابلة الداعمة للكيان،وحتى يتم ذلك، على حزب الله أن يحرص دائماً بأن تكون مقاومته في مصلحة لبنان واللبنانيين، وأن لايستخدم الإنجازات والانتصارات والصمود التي يحققها ” في ملفّات لا علاقة للبنانيين بها، أو أن يستعرض عضلاته في مواجهتهم ويهدّدهم بقوته، أو أن “يربّحهم” جميلة بأنه من يحميهم ويدافع عنهم.

  • مفكر وناشط حقوقي وباحث.
  • (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق