مقالات

دروس واستخلاصات مركّزة من الانتخابات المغربيّة

بقلم : د. سعيد وليد الحاج*

هذه دروس واستخلاصات سريعة ومركّزة من” الانتخابات المغربيّة”، ومِنْ هنا ل” التبعيض”، ذلك أنني لا أقدّم تقييماً متكاملاً لها،فهذا دور الباحث المتخصّص والمطّلع، ولستُ كذلك.ولا أسرد بالتأكيد، أهم أسباب النتيجة/الخسارة، إنّما هي رسائل/دروس/أفكار ،أراها مهمة من وجهة نظري،فأردت التركيز عليها في المشهد.
١)التطبيع لا ينقذ أحداً، لا أفاد العدالة والتنمية في الانتخابات، ولا أفاد المغرب بموضوع الصحراء الغربية.وحين أذكر التطبيع،فلا أعني أنه السبب الرئيس لخسارة العدالة والتنمية،ولا حتى السبب الأهم.
٢)ثمة من يقول: إن التطبيع ليس حاضراً في المشهد بالمرّة، بدليل أن الأحزاب المتصدّرة مع القصر ، هي مع التطبيع، وهذا استدلال غير سليم،فالشعوب ليست كتلة واحدة ،ولا تصوّت كشخص منفرد. ثمة شرائح متعدّدة في الشعب،فيكفي للشريحة المصوّتة للعدالة والتنمية،أن تعاقبه بالمقاطعة أو التصويت لغيره ليتراجع ويخسر، وهذا لا علاقة له بنصيب الأحزاب الأخرى، ولا يعني أن الشعب مع التطبيع.الشعوب لا تقبل من “الإسلاميين” كثيراً مما يمكن أن تقبله من غيرهم لأسباب معروفة. كما أنها ترى في خسارتهم رسائل احتجاج، ينبغي أن تصل، حتى ولو كان الثمن نجاح منافسيهم الأسوأ منهم. ومما يساعد على ذلك،أن هذه الأحزاب موجودة وقوية ومدعومة أصلاً، وأن الانتخابات “مسرحية”،والقصر هو الذي يحكم وفق رأي الكثيرين.
٣)فارق شاسع بين المرونة والميوعة.تنازل في السياسة كما تشاء، على ألا يكون ذلك في الهوية والفكر والمنهج والأيديولوجيا.لا تخسر مصداقيتك، ولا تتذاكى على الشعب.صحيح، أن الناس تنتخب من يخدمها ويحلّ لها مشاكلها،لكن الصحيح أيضاً،أن الأحزاب المؤدلجة ،تُنتخب لأفكارها وبرامجها و”أخلاقيتها” المدّعاة ،ورغبةً في المعارضة والتغيير. فإذا ما جمعت هذه الأحزاب بين الفشل في حل المشكلات،والتنكّب عن الأفكار والأيديولوجيا،فإن خسارتها ستكون محقّقة.
٣) لا تجمع بين الفشل الإداري،والانسلاخ الفكري. لماذا سينتخبك الناس إذن؟
٤) دخول السياسة مهم ، لكنه لا يبرّر التضحية بكل شيء في سبيلها. فهي وسيلة لا غاية. ودخول السياسة، لا يعني القبول بالمنظومات القائمة والاستسلام لقوانينها كما هي.
٥) لا تخسر نفسك ،وأنت تمارس السياسة. تعاون مع الآخر واستفد منه،كما يستفيد منك. لكن لا تكن أداة في يد أحد، يستخدمها ثم يرميها.
٦) مواجهة الكوادر لقياداتها ،حين ارتكاب الأخطاء الكبيرة ،يحمي المسار ،ويقي الكيانات الضربات الكبيرة لاحقاً.أما سياسة “كنس ” المشاكل تحت السجادة ،وشعبوية الالتفاف حول القيادة المخطئة، بدعوى الاستهداف الخارجي،لا تأتي إلا بخسائر مخزية كما رأينا.
أدرك أن لهزيمة العدالة والتنمية في المغرب عدة أسباب،لكن في القلب منها تنكّبه عن فكره ومواقفه ،وخصوصاً موضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني، فشكراً من القلب للشعب المغربي الشقيق الذي عاقبه بهذه النتيجة،وفي القلب منهم كوادر الحزب وأنصاره ، الذين لم يرضهم ذلك.

*كاتب فلسطيني

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق