مقالات

الإخوان المسلمون لم ينقلبوا على قيمنا وموروثاتنا

بقلم : عبد الهادي راجي المجالي*
إنني أكثر من هاجم (الإخوان المسلمين)، ولكني في هذا الهجوم، كنت أفهم أن خصومتهم لا تعني إنكارهم أبدا، ولا تعني تجريدهم من الوطنية، لا تعني أيضا إنكار وجودهم , ولا تعني تجريدهم من الدين … هل المطلوب من الإخوان حتى يكونوا حزبا عصريا حداثيا، أن يقبلوا بمحمد رمضان , أو أن يؤيّدوا الحفلات ؟ …أنا أفهم أن الهجوم عليهم ،يعني الاشتباك معهم في موقف سياسي ما، أو الإختلاف حول قيامهم بتثوير الشارع في لحظة نحتاج فيها للهدوء , أفهم أن زكي بني ارشيد كان يطلق تصريحات مستفزّة، وأن المحامي صالح العرموطي كان أحيانا , يرفض كل شيء … ولكننا في هذه العلاقة، لم نجرؤ يوما أن نجرّد صالح العرموطي من وطنيته أو من دينه، أو من حبه للبلد، لم نجرؤ أن ننكر على زكي بني ارشيد أو مراد العضايلة هويته وجنسيته، وحبه لتراب البلد .
حين نصل لمرحلة نجرّد فيها الشخص من دينه ومن وطنيته، فتلك ليست صحافة .. وتلك ليست ليبرالية، وتلك ليست علمانية حتى … وحين نصل لمرحلة نختطف فيها الحقيقة، ونتهم الآخر بالجهل والتخلّف ،فتلك ليست تقدميّة أبدا …الإخوان ضرورة مهمة , وفي كل خلافاتنا وهجومنا عليهم كنا نسجّل لهم دوما , أنهم النموذج الهاديء في المنطقة العربية …النموذج الذي لم يؤسّس خلايا مسلّحة مثل مصر، والنموذج الذي ظلّت أدواته في الحوار مع السلطة هي الشارع والحناجر فقط , والنموذج الذي ظل وفيا للنظام، وظل يستنجد به، حين يحاصر ..والنموذج الذي في كل صراخه وهتافاته ورفضه ،لم يتطرّق ولو بالتلميح لجلالة الملك أو الديوان .
في حين إن من غاصوا في بواطن الليبرالية، وامتهنوا العصرنة والحداثة، استرجلوا – وللأسف – في استباحة كل موروثاتنا، في استباحة القيم , والدين ،وفي شطب الهوية , والانقلاب على المجتمع …على الأقل الإخوان في كل تاريخهم، لم ينقلبوا على القيم، ولم يؤسّسوا جمعيات تبحث في غشاء البكارة , وتدعوا للحرية التائهة , وتنسف قيم المجتمع ..
الإخوان الآن في لحظة من الهدوء , في لحظة انكماش …ولكني لا أفهم لماذا ينحاز أحدهم لمحمد رمضان على حساب تاريخ يوسف العظم، أو رصانة عبداللطيف عربيات ..لو قرأ هذا المثقف تاريخ هؤلاء الأساتذة ودورهم في مرحلة خطيرة من حياة الدولة , بحماية السلم الأهلي، وحماية النسيج الإجتماعي لما مارس كل هذا (القصف العشوائي) على الإخوان، لو قرأ هذا المثقف.. مرحلة الستينيات والسبعينات، ودورهم في حماية الدولة لما مارس عليهم كل هذه الوصاية وكل هذا الوعي المزيّف …
لقد تركنا كل مصائبنا للأسف، وصار (الإخوان المسلمين)، هم الردّة في مجتماعاتنا، وهم العصي التي كسرت الدواليب، وأنا لا أفهم توقيت هذا الهجوم , ولمصلحة من ؟!
على كل حال، أحيانا تكون الليبرالية متطرّفة، لأن من يحملها لا يفهمها كثيرا للأسف …ويخطئ في اختيار الخصوم، وينفلت من أدب الحوار.. والأخطر أنه يقدّم للخراب أجمل خدمة.

  •  كاتب أردني ساخر.
  •  (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق