مقالات

الخائفون من التجديد والمراجعات

زكي سعد بني إرشيد*
مصطلح يثير الحساسية، لدى بعض الإسلاميين،ويبالغ بعضهم بعدم الاقتراب،أو مقاربة منهج التقويم إلى درجة إغلاق باب الاجتهاد، حرصا على الهوية والثوابت الدينية، وخوفا من التراجع ،أو التخلّي، أو نقض الموروث.
المراجعة ضرورة موضوعية، لأي حركة حيّة نابضة بالتدفّق نحو المستقبل، لأن المراجعات منهج علمي صحيح ،مرتبط بتقويم السلوك ،وتصويب الاجتهاد، وتحسين الأداء، ومتعلّقة بتغيّر الزمان والمكان والظروف.
يخطئ من يظن أو يتوهّم، بأن المقصود بالمراجعات إرضاء الآخر، أو تقديم أوراق الاعتماد للخصوم ،أو الأعداء،أو المنافسين،وفي هذه الحالة،تتولّد ردة الفعل الانفعالية بالتمسّك بالاجتهاد القائم شكلا واسما ومضموناً،إلى درجة التقديس،باعتباره من الثوابت التي لا يجوز الاقتراب منها، فضلا عن مراجعتها.مبعث الفعل التقويمي، هو تحقيق المصلحة المعتبرة،وإن تقاطعت، أو توافقت مع رغبة أو مصلحة الآخرين.
ليس الهدف من المراجعات، معرفة الحقيقة الثابتة بقطعي الثبوت، وقطعي الدلالة، وإنما ما دون ذلك لتحقيق المصالح المعتبرة ،التي إذا وجدت،فثمّ شرع الله.
منهج التقويم والنقد الذاتي،ومراجعة الأخطاء،والاعتراف بها، وتحمّل مسؤوليتها وإسنادها إلى الخطأ الاجتهادي،والقصور البشري، منهج إسلامي واول مراحل النهوض.
لقوله سبحانه وتعالى :
( أَوَلَمَّآ أَصَٰبَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرٌ ).
ولما ورد في الحديث النبوي الصحيح قوله – صلى الله عليه وسلم :
( يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها ).
ولما تضمّنته وثائق وأدبيات الحركة الإسلامية،حيث نصّت رؤية الحركة الإسلامية في الأردن عام 2005م ،على أن( الإسلام هو الدين المتجدّد الذي تتفاعل نصوصه وأصوله مع وقائع الحياة, ومستجداتها في إطار مقاصد الشريعة العامة،لتحقّق من خلالها مصالح الأمة والشريعة ومقاصدها العامة،هو اجتهاد يلبيّ حاجات التعبير ،تأكيدا لخصائص الإنسانية والعالمية الخالدة).
ولما ذهب له علماء الاجتماع، وفي مقدمتهم ابن خلدون في مقدمته الشهيرة، بقوله : ( إذا تغيّرت الأحوال جملة ،فكأنما تغيّر الخلق،واستوجب اجتهادا جديدا).
ولا يخفى على أهل العلم، بأن الحكم الشرعي، يقدّر شخصا وظرفا وزمانا ومكانا،
في كتابه (الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان)،يقرّر الشيخ محمد الخضر حسين بأن:( الاختلاف بالأحكام ناتج عن اختلاف العرف،وعندها يصبح الواقع يستحق حكما آخر).
ويقول شهاب الدين القرافي في كتابه( المعاملات في أحكام النبوة) : ( والتمسّك فقط بالمنقولات أيا كان،اختلال في الدين ،وجهل بمصالح المسلمين والسلف الماضيين).
ويستطيع المراقب والمتابع، أن يلحظ بوضوح جملة التغيّرات الإيجابية، التي رافقت مسيرة الحركة الإسلامية في عدة مجالات،ما يستدعي بالضرورة التوقّف عن استهدافها ومحاصرتها، بل وتسهيل مهمتها ودورها ،لتحقيق منهجها الوسطى والمعتدل.

* سياسي أردني

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق