مقالات

حول تعميم ” أوقاف غزّة” والمحاولة الرخيصة لاستغلاله !

ساري عِرابي*

أولا- وزارة الأوقاف في أيّ مكان في العالم، لا تتجاوز سلطتها (المساجد، الأملاك الوقفية، المدارس الشرعية والمعاهدة الدينية التابعة لها)، وهي لا تملك قوّة شرطية، ولا وحدات تنفيذ أمنية.
ثانيًا- التعميم الصادر عن دائرة الوعظ والإرشاد التابعة لأوقاف غزّة، لا يتضمّن لا في منطوقه، ولا في مفهومه، أيّ قرار، فضلاً عن أن يكون قرارًا بالمنع، بل هو تعميم خاصّ بالوعظ والإرشاد الديني، والوعظ والإرشاد الديني،ليس قرارًا وليس فيه بمجرّده قوة المنع والإيجاب، فإذا أضيف إلى ما سبق، فإنّ الوزارة نفسها لا تملك هذا الحقّ أصلاً.
ثالثًا- هذه بدهيات ظاهرة، لا تحتاج تنقيبًا ولا تفتيشًا ولا تحليلاً! فلماذا سمّي تعميم خاص بالوعظ في المساجد،يهدف إلى الحدّ من مشاركة المسلمين في أعياد الميلاد.. لماذا سمّي من بعضهم قرارًا من سلطة حماس بالمنع!؟
الجواب: التصيّد، أو التسرّع المؤسّس على تشهّي الكلام. مع الاحترام لبعض الأصدقاء ممن وقع في الثاني!
رابعًا: انتقاد تعميم من هذا النوع، لا يقتضي إخراجه عن إطاره ووصفه بغير صفته وتقويله ما لم يقل ، لأنّ الخلّل المتعمّد في ذلك كذب، والكذب خطيئة تزيد على خطأ الوزارة، على فرض اتفاقنا على كونه خطأ، والخلّل الناجم عن التسرّع، يفضي إلى الكذب، والأناة في القضايا الحسّاسة من هذا النوع واجبة.
خامسًا: لست معنيًا بالدفاع عن أيّ مسلك حكومي لأيّ أحد، لكن إخراج البيان عن حدوده، وتحويل تعميم داخلي بدائرة وعظ، لا تملك أي سلطة منع، إلى قرار خاص بسلطة حماس يمسّ مسيحيي بلادنا، ممّا من شأنه أن يثير فتنة، أو يوحي بوجود فتنة غير موجودة، هو جريمة مضاعفة.
سادسًا: لا توجد عندي مشكلة،أن يرى منتسب لأيّ دين في فلسطين أو العالم، بألاّ يشاركني أعيادي الدينية.هذه مسألة تخصّه وتخصّ دينه، وأجور عليه وعلى دينه لو أجبرته، ولو بسيف الحياء والمزاودة والضغط الاجتماعي والابتزاز السياسي، أن يعتقد بغير ما يؤمن به. المهم ألا يمنعني الاحتفال أنا بأعيادي.
سابعًا: من كان يرى خطأ وعظ المسلمين، بعدم المشاركة في أعياد عيد الميلاد. فليتفضّل وينتقد هذا الخطأ.لم يبق أحد في العالم لا يفتي فيما يحلّ ويحرّم في الإسلام،لكن لا يصوّر الأمر على غير حقيقته.
ثامنًا: هل أنا مع التعميم !؟ لا. أقول التعميم من حيث هو تعميم لا حاجة له. هل أقول بحرمة المشاركة في حقّ المسلمين؟ لست مفتيًا،ولكني لا أشارك وأقلّد من يقول بالحرمة. وهي قضية شرعية خاصّة بمن يعتقد الإسلام، ويحاول الالتزام بأحكامه. والقول بها متجّه للمسلم، فلا تتضمّن منعًا لغير المسلم،وأمّا المسلم الذي لا يلتزم بها، فلا أحد يملك سلطة منعه. وكم من مسألة ضخمة واجبة أو محرّمة ،لا يلتزم بوجوبها أو الامتناع عنها ملايين المسلمين، فالتذكير بها وبالعقوبة الشرعية المترتّبة عليها لا يقتضي إكراهًا ولا من أي وجه! إلا إذا كان المطلوب ألا يتحدّث أحد في دينه أصلاً!

*كاتب وباحث فلسطيني

 (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق