أسامة أبو ارشيد*
عندما أكتب أمراً، فإني مسؤول عن ما فيه، وليس كيف يريد البعض،أن يفهمه، وكيف يعلّقون عليه. أيضاً، إنني لست مسؤولاً عن، كيف يوظّفه البعض،ومن ينشره،ولماذا ؟كما أنّي لا أبحث عن عداوة أحد،ولا رضا أحد.أقول ما أنا مقتنع به، وما أحسبه حقاً، وأنا شخص مستقل فكراً وانتماء.
كنت كتبت قبل يومين رأياً،أعبّر فيه عن ميلي الشخصي،إلى أن مشاركة الجبهة في الانتخابات،قد يكون القرار الأصوب سياسياً لها،ولا زلت عند هذا الرأي.ومن أراد التفاصيل فليعد إليه. ويوم أمس كتبت رأياً آخر،انتقد فيه أحد قيادييها، ممن أعلن ترشّحه “عشائرياً”،وعلى أساس أنه “فرز” عن الحركة الإسلامية في مدينة(…). طبعاً، الحركة الإسلامية، لم تكن قد أعلنت حينها إن كانت ستشارك أم لا.وبناء على ذلك طُلِبَ إليه حذف أنه “فرز” من قبل فرع “الحركة” في مدينته، وقد فعل، تجنّبا لردود الأفعال، وعندي صورة البوست الأصلي.
لست عضواً في الجبهة، ولم أكن يوماً، ولست طرفاً مؤثّرا في قراراتها،وهي أصلاً لم تطلب رأيي، ولا أعرف إذا اطلعت عليه أصلاً، وأنا لم أحاول إيصاله، ولكنني مهتم بالموضوع،لأسباب ثلاثة. أولاً، إنني مواطن أردني،ويهمّني أن من يمثّلونا، يكونون من الأقوياء الأمناء معاً. ثانياً، إنني متعاطف مع الجبهة، ووالدي كان من قيادات الإخوان المسلمين في الأردن، وجدّي لأمي، رحمهما الله، كان كذلك.ومن ثمًّ، فإنه يسيئني أن يكون من لا يجمع بين القوة والأمانة مرشّحا على قوائمها (لماذا إذن نلوم الدولة في كثير من الأحيان على عدم تقديمها أهل الثقة والكفاءة ؟!). ثالثاً،الشخص المعني، جعل من الإساءة والشيطنة لرموز وقيادات وشخصيات اعتبارية، وممن يتوهّمهم منافسين له، في طريقه إلى الصعود في السلّم التنظيمي للجبهة.حتى أنا، الذي أعيش في قارة غير قارته،لم أسلم من سلاطة لسانه، وتشويهه ،وتشكيكه، وتطاوله، رغم أنه لا سابق معرفة حقيقية بيننا. إنني لم التقه شخصياً ،أكثر من مرتيّن أو ثلاثة في حياتي،وربّما أطول حوار لي معه،لم يتجاوز دقيقة واحدة، لم يزد فيها الأمر على السلام. وبعد أن كتبت نقدي، حدث تواصل بيني وبين كثير من نشطاء الجبهة،ومنهم في مواقع قيادية،وهم مستاؤون جداً،أنه تمَّ “فرز” مرشّحين دون إخبارهم، ودون الرجوع إلى قواعد الحزب.هذه قضية الحزب وقضيتهم، وليست قضيتي.
أعود إلى ما يخصني ،ويعنيني في الأمر. الشخص الذي عنيته، وتكهّن البعض حول هويته، وهذا شأنهم لا شأني، فأنا لم أذكر اسم أحد بعد،ولا أؤكّد، ولا أنفي هنا.. المهم ذلك الشخص، الذي أعلن أنه مرشّح عشيرته الكريمة، لم يتورّع يوماً عن التطاول، على كثير من أهل الفضل، وممن يراهم منافسين له،ومحاولة الحطّ من مستوياتهم وأقدارهم.إنّه لم يوقّر شيبة،إلا إذا اقتضت مصلحته ذلك، ولم يرع حرمات كثيرة.إن كثيرا ممن استهدفهم، تَقَوَّلَ عليهم،وشيطنهم، وبالغ في إهانتهم. إنني أتحدّث عن رموز ،كبرت وأنا وجيلي وجيله نجلّها.ومن رآه ندّا له، أو متفوّقا عليه، في القدرة على الكلام،أو الكفاءة القيادية، أو من هو أكثر منه ثقافة واحتراماً وتقديراً بين الناس،شنَّ عليه حملات شعواء غمزاً ولمزاً…إنه لا يقبل منافسين، لا يقدر على مجاراتهم. والمنطق الذي يتبنّاه: من لم تكن بمستواه،شَوْهّهُ، واسعَ إلى تلطيخ سمعته، ونقض إنجازاته وهدمها!
اسألوا كل من يعرفونه،بل أقول إنكم تعلمون ذلك كله، ومع ذلك تقدّمونه، ومهّدتم له الطريق إلى شبابكم الصغار، فأفسد عقول وأخلاق الكثيرين منهم، وقد حذفت عيّنات منهم من صفحتي.
أنا الذي أعيش في قارة مختلفة عن قارته،وبيني وبينه سبعة آلاف ميل، وليس بيني وبينه احتكاك، ولا سابق معرفة، ولكني لم أسلم من إساءاته وغمزه ولمزه. فإذا كنت أنا الذي لا أنافسه في مجاله الأكاديمي، ولاأنافسه في حزبه،ولا أنافسه في جماعته،ولا أنافسه في الأردن كلها، ونحن في قارتين بينهما ما بين المشرق والمغرب، ولكني لم أخلص من لسانه وإساءاته، فما بالكم بمن هم في وجهه وحوله!؟
لا أفهم، كيف يكون من قال يوماً: “النيابة جيفة وطلابها كلاب”،عندما كان مرشحو الحزب على غير مزاجه،مرشّحا هو نفسه لها اليوم؟…لا أفهم كيف يكون من كولس، وحرّض قواعد الجماعة والحزب يوماً،على عدم التصويت لفلان في مدينته، لأنه “مفروض” من قبل “القيادة”،ولم “تفرزه” القواعد، هو نفسه مرشّحا اليوم عبر “الفرض”من الأعلى، ويريد من الجميع أن يصوّتوا له!؟ هذه ليست اتهامات، بل هي حقائق، وأنتم تعرفون عنها وعليها شهود كثر، وقد حوكم تنظيمياً، كما قيل لي، على بعضها. ترى، لو أعلن غيره من غير المرضي عنهم،أنه “مرشّح العشيرة”،وأنه “فرز” من الحركة،دون التنسيق مع الحزب، أكنتم أبقيتم على عضويته؟ أم أنه “خيار وفقوس”! لقد آذى هذا الشخص أناسا كثيرين، أُعِزهم،وأِحبهم،وأقدّرهم،وآخرون لهم فضل على أجيال كثيرة في الأردن،وأساء إليهم، وشيطنهم،وسعى إلى تحطيمهم،حتى يُخلوا له الطريق. وكمواطن أردني، وكمتعاطف مع جبهة العمل الإسلامي، أرفض أن أراه مرشّحا للنيابة عنها، ليمثّلنب، أو ليمثّل من هو مثلي في البرلمان.
ما أكتبه هنا، ليس موجّها ضد الجبهة، وإنما ضد من زكّى نفسه دوماً، وهو يسيء لغيره، ويفتري عليهم، وكنت واحداً منهم. أكره نموذج عمرو خالد،ومن هو على شاكلته، وأؤمن إيماناً مطلقاً، أن علينا مسؤولية وأد أي فرصة لتبلور أمثال عمرو خالد. هذا رأيي، وقد حدث تواصل بيني وبين كثير من الفضلاء، وزادوني قناعة في حكمي عليه.
كلمة قبل أخيرة، من لم يتدخّل من قبل، لإيقاف إساءاته للرموز الكبار،وبعض من حوله، ولي أنا أيضاً، ليس له حق أن يطلب مني ذلك الآن. سكتم على إساءاته، لكثير ممن نحب ،ونحترم،ونُجِل، وسكتم عندما أساء لي ظلماً وعدواناً وتجنيا ونذالة، فحافظوا على ذات السكوت الآن إذا سمحتم. أنا لم افتعل عداوة، بل فُرِضت علي،ولكن كثيراً منا يحب أن يرى الصورة بعين واحدة.أما لماذا لم أوصل رأيي لأصحاب الشأن مباشرة؟ ببساطة، لأني جرّبت ذلك في الماضي في موضوع آخر، ولم يحدث شيء إلى الآن،رغم أني سمعت تأييداً لموقفي!
كلمتي الأخيرة، أنا لم أُسَمِّ أحداً، وما كتبته هنا،قد لا يؤثّر في رأي أحد.من اقتنع به أهلاً وسهلاً، ومن أحب أن يهمله فهو حر،ولكني كأردني، سأسعى جهدي أن لا ينجح نائباً عن جزء من الشعب من كان ديدنه ما سبق.
إلى قيادة الجبهة، التي أعزّ وأحترم.. رشّحوا نماذج يمكن لنا أن نفاخر بها، وندافع عنكم، ونقف معكم بسببها.. وفي ما أعلم.. جلُّ، إن لم يكن كل من قدّمتم من قبل، ومن ستقدّمون الآن، إذا شاركتكم، هم من النماذج التي يتشرّف المرء بالوقوف ورائها، أما هذا الشخص، فلا. وصدّقوني عندما أقول لكم ،إن كثيرين في قواعدكم يشعرون بالخذلان والإحباط.
*كاتب من الأردن .
(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)