تقارير و تحليلاتعام

(شخصية تحت المجهر): طلال أبوغزالة من رجل أعمال ناجح إلى منجّم وعرّاف فاشل !

الذين يعرفون طلال أبوغزالة جيدا، يقرّون له بعصاميته، وطاقته، وقدراته الهائله في اختصاصه بتدقيق الحسابات، وهو التخصّص الذي كان يكفي، لأن يكون علما من أعلام الأردن وفلسطين والعرب.
ولكن يبدو أن أبوغزالة، لم يدرك معنى المثل الذي يقول: (القناعة كنز لايفنى)، إذ لم يقنع بأن يكون اختصاصيا في المحاسبة، فأراد أن يكون سياسيا، وإعلاميا،وطبيبا، واقتصاديا، وغير ذلك، ولكن يبدو أن هذه الرغبة جاءت متأخّرة، بعد أن بلغ من العمر عِتيا، لذا لم يسعفه تقدّمه في السن، من النجاح في أي تخصّص غير تخصّصه، وعرّض نفسه للاستهداف على مواقع التواصل الاجتماعي، التي لاكت ألسنة روّادها باسمه سخرية وتندّرا، وكان يمكنه أن ينأى بنفسه عن ذلك، ولكن هي النفس الأمّارة بالسوء، التي تطغى شهواتها في حب الشهرة والظهور والعُجب بالنفس والشخصانية، على العقل الواسع، فكم من شخص هزمت نفسه عقله، فاستسلم لشهوات نفسه، على حساب عقله، ومن بين هؤلاء طلال أبوغزالة، الذي كان يلقى احتراما كبيرا، بما حقّقه من نجاحات في عالم المحاسبة المالية وتدقيقها، ولكن إقحام نفسه فيما لا يعرفه، وليس بتخصّصه، ولا مجال إبداعه، وضعه في صورة” كاريكاتورية”، كان في غنى عنها.

بداية إثارة أبو غزالة للجدل الإعلامي ،كانت قبل عامين ،حين بدأ في عقد مؤتمرات صحفية، ونشر مقالات ،حول الأزمة المالية العالمية المتوقعة عام 2020.
خلال تلك الفترة ،كان الجميع يتعامل مع توقّعات أبو غزالة، بجديّة تامة، كونه رجل أعمال معروف، ويملك العديد من الاستثمارات، وهو ما دفع العديد من القنوات الإعلامية البارزة، كالجزيرة وسكاي نيوز عربية إلى استضافته، خصوصاً أن أبو غزالة ،لم يكن الوحيد الذي حذّر من الأزمة المتوقعة.
ويبدو أن أبو غزالة ،أعجبته الشهرة التي جلبتها نبوءة الأزمة المالية، فقرّر أن يتحوّل إلى عرّاف ومنجّم يتنبّأ بالحروب والأوبئة والمجاعات، بل وإلى محلّل سياسي، ومقدّم برامج إن لزم الأمر !
والمثير للسخرية، أن نبوءة غزالة ،حول الأزمة المالية لعام 2020 ، على الرغم من فشلها ،أخذت مصداقية كبيرة، بسبب جائحة كورونا، التي غزت العالم، إذ ظنّ أكثرية الناس، أن النبؤءة في طريقها للتحقّق، بل إن البعض اعتبرها تحققّت، بسبب المشاكل المالية التي تسبّبت بها الإغلاقات.
لكن ما لا تعرفه الأكثرية، أن أبو غزالة، وإلى جانب توقّعه للأزمة المالية العالمية، أطلق أكثر من 10 توقّعات اقتصادية، فشلت جميعها، بل إن عكس هذه التوقعات هو ما حدث.
في عام 2018 ،كتب أبو غزالة مقالة في جريدة( الرأي) الأردنية، توقّعاته فيها إفلاس 5 دول أوروبية خلال عام 2019، وعلى الرغم من مرور عامين على هذا التوقّع، فإن أي دولة أوروبية، لم تعلن إفلاسها حتى الآن.
في ذات المقالة ،توقّع أبوغزالة ،ارتفاع سعر الفائدة الأمريكية إلى 6% ،لكن في الواقع فإن سعر الفائدة الأمريكي، انخفض إلى ما يقارب الصفر.
توقع أبوغزالة أيضاً ،أن تصبح معدّلات النمو الاقتصادي في عام 2020 في أفريقيا، مساوية لمعدّلات النمو الاقتصادي لدول أوروبا، مشيرا إلى أن دولا مثل ،البرازل والهند، ستشهد نمواً اقتصادياً غير مسبوق، لكن أياً من هذه التوقّعات لم يحدث أيضاً، بل إن بعض الدول الأفريقية، مثل مصر ،ازداد معدل ديونها بشكل غير مسبوق.

كل التوقعات الاقتصادية التي وردت في مقالة أبو غزالة وفي مقابلاته اللاحقة فشلت فشلاً ذريعا، حتى التوقّعات ، التي ليس لها علاقة بالأزمة المالية عام 2020.
مثلاً، توقّع أبوغزالة ،ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير ،متوقّعاً أن يتجاوز سعر البرميل ال100 دولار، لكن أسعار النفط ،شهدت هبوطاً هو الأعلى في تاريخها منحدرة إلى ما دون ال 20 دولار !

كل هذه التوقعات الاقتصادية الفاشلة، لم تمنع أبوغزالة من دخول مجال التوقّعات السياسية، حيث فاجأ العالم بتقديمه لبرنامج على قناة (روسيا اليوم) العربية، بعنوان “العالم إلى أين؟”.
خلال البرنامج ،رسم أبوغزالة صورة جديدة للعالم، ستنتهي فيها هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية، بعد حرب عالمية مع الصين، والغريب أن أبو غزالة جزم بحصول هذه الحرب قبل نهاية تشرين أول(أكتوبر ) 2020.
طبعاً ،لم تندلع أية حرب ،ولا حتى مناوشات بين البلدين ،على الرغم من انتهاء التاريخ المذكور، لكن طلال أبوغزالة أصرّ قبل أيام على توقّعه، وقال إن العام لم ينته بعد.
أبوغزالة ، توقّع في برنامجه، الذي قدّم منه 56 حلقة حتى الآن، فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بولاية رئاسية ثانية، لكن ترمب خسر الانتخابات أمام منافسه جو بايدن.

لم يكتف أبوغزالة بتحليلاته السياسية والاقتصادية الفاشلة لعام 2020، بل قرٌر أن يقوم بتوقّع الأعوام الخمسة المقبلة، مطلقاً عشرات التوقّعات، كما قام بتوسيع مجال توقّعاته ليدخل مجال الأوبئة، إذ توقّع قبل أيام أنه خلال العام القادم ،ستبدأ ظهور عيوب لقاحات فيروس كورونا، التي ستكون “كارثية”، على حد تعبيره.
كما توقّع قبل أشهر ،أن تستمر جائحة كورونا لأربعة أعوام على الأقل، قائلاً إنه لا يجب أن ننخدع بقصة إيجاد لقاح ضد الفيروس المستجد، وأنّه سيحل مشكلة العالم.
فشل توقّعات أبوغزالة كان أمراً متوقعاً، فهو يتحدّث في مجالات،ليست من تخصّصه، ويمكن تبريرها في النهاية على أنها وجهة نظر، قد تصيب وقد تخطئ، ولكن المشكلة أن أبوغزالة لم يكن يستهدف من هذه التحليلات والتوقعات قول وجهة نظره فقط، بل كان يبحث عن الضجّة، وتحقيق مصالح شخصية.
ولم يكتف بأن يتحوّل إلى إعلامي وعرّاف، بل أصبح شاهد زور على العصر، ومطبّلا من الطراز الرفيع للنظم الاستبدادية، إذ قال في إحدى المقابلات الإعلامية: إن الملك سلمان ،هو أكبر قارئ في التاريخ !وقال في أخرى، إن الإمارات هي أفضل حكومة إلكترونية في العالم، كما توقّع أن تصبح مصر السيسي سادس أكبر اقتصاد في العالم !
هوس أبوغزالة بالشهرة، وإثارة الجدل ،جعله مثاراً للتندّر بين الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، وانحدر به من رجل أعمال ذي سمعة كبيرة في مجال التدقيق والملكية الفكرية، إلى مهرّج وعرّاف ومنجّم، شبيه بما يقدّمه المنجّمون ، أمثال ميشال حايك وغيره !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق