أخبارعام

هل إنكاره معراج النبي إلى السماء سيكون القشّة التي قصمت ظهر بعير إبراهيم عيسى ؟!

في الوقت الذي لا يجرؤ فيه الإعلامي المصري، إبراهيم عيسى، على التفوّه بأي كلمة تتضمّن نقدا ضمنيّا أو صريحا، للرئيس المصري عبدالفتّاح السيسي ونظامه،والذي لم يسبق لتاريخ مصر الحديث، أن ابتلي بنظام مستبد ودمويّ مثله، نجده يسرح ويمرح من خلال برنامجه المتلفز “حديث القاهرة”،الذي يقدّمه على قناة( القاهرة والناس)، في توجيه نقد لاذع لمّا يسمّيه هو ب( التراث الإسلامي)، وهو في جوهره وحقيقته كان يمثّل نقدا وانتقاصا من الدين الإسلامي !…وخلال الشهور القليلة الماضيّة فقط،أثارت أقوال عيسى ردود فعل شديدة في المجتمع المصري، أوّلها، عندما سخر من قراءة الصيدلي للقرآن، إذ قال باللهجة العاميّة المصريّة: “ليه أدخل أجزخانة (صيدلية) ألاقي الشاب الصيدلي قاعد بيقرأ قرآن… من باب أولى يقرأ مرجع أدوية”.
وكان لافتا أن علاء مبارك، نجل الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، ردّ عليه بتغريدة نشرت على صفحته على شبكة( تويتر )، جاء فيها “: الحقيقة مش فاهم إيه اللي مزعّل الأستاذ إبراهيم عيسى ومعصّبه لهذه الدرجة من رجل صيدلي يقرأ القرآن فى الأجزخانة! وهل ده موضوع يستحق كل هذه الدوشة!”.
مضيفا:”الحقيقة كلام غريب جداً، الرجل يقرأ قرآن أو يصلّي هو حرّ وشيء جميل طالما لا يقصّر فى عمله، مع كل الاحترام للأستاذ ابراهيم؛ وأنت مالك”.
كما ردّ عليه، الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، وأحد علماء الأزهر خلال منشور عبر صفحته الرسمية بموقع فيس بوك، قائلا: “إن كان هذا الصيدلي قد قصّر في إتقان تخصّصه وقراءة مراجعه، فقد قصّر في هدي القرآن الذي يقرؤه، وحينئذ فواجبه أن يتقن تخصّصه، لا أن يهجر قراءة القرآن العظيم”.
وقبل بضعة أيّام فقط، أثار عيسى الجدل مجدّدا، عندما قال في برنامجه المذكور “لو حضرتك من مواليد الستينيات حتى عام 1975، أؤكّد لك ستجد صورة لجدتك بالمايوه، وصورة لوالدتك بالمايوه، سواء كنت في إلمنيا أو سوهاج “.
وأضاف أن “ذلك الأمر لا يعني فسوقا منهن، ولا كفرا، ولا عصيانا، ولا تبرّجا،ولا كل المصطلحات التي زرعوها
في ذهنك في السبعينيات، حتى توصم المرأة وتتنمّر وتحتقر، هذا ما فعله التيار الإسلامي في مصر”.
وقد أثارت هذه التصريحات ردود فعل واسعة، ليس من التيّار الإسلامي فحسب، بل من فئات وشرائح اجتماعيّة كثيرة ومتعدّدة ، اتّهمته بتقديم صورة تاريخيّة كاذبة ومختلقة عن المرأة المصريّة عموما، والصعيد خصوصا، نافين أن تكون المرأة في الصعيد قد لبست المايوه، لا سابقا ولا حديثا !
ولم تكد ردود الفعل الشعبيّة على هذه التصريحات تهدأ، حتى أشعلها عيسى مرّة أخرى، عندما أنكر معراج النبي محمّد عليه الصلاة والسلام إلى السماء، بعد مقدّمة شكّك فيها بالدعاة وأهل العلم، وما يسردونه من قصص ومواعظ ووقائع، حتى إن التشكيك طال الصحابيين الجليلين عمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان ،إذ قال””هل الشيخ قالك إن ابن سيدنا عمر خرج بعد لما اتقتل سيدنا عمر، وراح قتل المتهم بقتله وبنته وابنه، بدون حساب وقصاص ،وبدون أي شيء. وإنه كان المفترض يفرض عليه القصاص ويتقتل. وعثمان بن عفان عفا عنه،، ومنفّذش فيه القصاص. إذن كل قصص المشايخ وهمية وغير حقيقية. ولما يقولك الإسراء والمعراج هتصدّق أن مفيش معراج، وأنها قصة وهمية وفقا لكتب التاريخ والحديث”.
وإذا كانت الجهات الرسميّة في النظام، قد صمتت صمت القبور على تصريحات عيسى السابقة، ضد الدين الإسلامي، عبر عبارات السخريّة والاستهزاء، التي تصدر عنه، ضد الدعاة وأهل العلم، والصحابة والسلف الصالح، فإن الأمر يبدو صعبا هذه المرّة،إذ طالت تصريحاته التشكيك بما ورد في القرآن الكريم،لذا سارع
مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية للرد على عيسى، في بيان رسمي نشره عبر حسابه على موقع “فيس بوك”، جاء فيه: “معجزة الإسراء والمعراج من معجزات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المتواترة، الثابتة بنص القرآن الكريم في سورتي (الإسراء) و(النجم)، وبأحاديث السنة النبوية المطهرة في الصحيحين والسنن والمسانيد ودواوين ومصنّفات السنة، والتي انعقد على ثبوت أدلّتها ووقوع أحداثها إجماع المسلمين في كل العصور، بما لا يدع مجالا لتشكيك طاعن، أو تحريف مرجف”.
وأضاف أن محاولات الطعن البائسة في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم،والتشكيك في عدالتهم ،بعبارات لا تليق بمقام خير جيل من هذه الأمة؛ جرم محرم، وجرأة مستهجنة ومرفوضة، ودرب من التجاوز البغيض والمستنكر، لدى أمة مهما بلغ التقصير بأفرادها، إلا أنهم لا يقبلون المساس بجناب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، الذين قال الله عنهم في كتابه: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ۚ ذٰلك الفوز العظيم}.
وشدّد على أن : “كل ما ورد في القرآن الكريم وسنة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة من المسلّمات التي لا يقبل الخوض فيها مطلقا، ولا يقبل تفصيل أحكامها وبيان فقهها من غير المتخصّصين؛ سيما إذا كانوا من مروّجي الأفكار والتوجّهات المتطرّفة، التي تفتعل الأزمات، وتثير الفتن، وتفتقر إلى أبسط معايير العلم والمهنية والمصداقية، وتستثمر الأحداث والمناسبات في النيل من المقدّسات الدينية، والطعن في الثوابت الإسلامية بصورة متكرّرة ممنهجة” .
ودخلت دار الإفتاء المصريّة، التي لا تنطق عن الهوى، خارج الموقف الرسمي لنظام السيسي، على خط الرد على عيسى، مُؤكِّدَةً، أن المعجزة مؤكّدة بنص القرآن الكريم، ولا يجوز إنكارها، وأن النبي الكريم أُسْرِيَ به
من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى،ثم عرج به إلى السماوات بروحه وجسده معاً.
وأوردت دار الإفتاء المصرية في بيان رسمي لها عدداً من النقاط في الرد على المشككين في المعجزة، مستشهدة على ثبوت «الإسراء».
ولكن الأهم من ردّي الأزهر ودار الافتاء،الخطوة التي أقدم عليها النائب العام المصري المستشار حماده
الصاوي، باتّخاذ إجراءات التحقيق في البلاغات التي قدّمت إلى النيابة العامة من عدد من المحامين ضد الإعلامي إبراهيم عيسى، تتّهمه بـ”ازدراء الإسلام”، بعد تصريحاته وإنكاره “رحلة الإسراء والمعراج” في برنامج تلفزيوني.وأوضحت النيابة العامة في بيان رسميّ لها، أنها ستعلن لاحقاً عما ستُسفر عنه التحقيقات.
التساؤلات التي تطرح نفسها الآن : هل ستكون خطوة النيابة العامة، محاولة لاحتواء وامتصاص الغضب الشعبي من تصريحات عيسى، أم هي خطوة جادة نحو عقابه وتأديبه، بعد أن بلغ السيل الزبى، وأصبح الدفاع عنه أو السكوت عليه أمر غير ممكن من النظام المتّهم بمحاباة عيسى ؟!… وهل يكون إنكاره لمعارج النبي، هو القشّة التي قصمت ظهر بعير إبراهيم عيسى ؟!… تساؤلات، ستجد أجوبتها في قادم الأيّام .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق