مقالات

” العدالة والتنميّة”…فشل التجربة وليس فشل المسار

زكي سعد بني إرشيد*
نتيجة حزب العدالة والتنمية في المغرب،لم تكن مفاجأة من حيث الخسارة، ولكن المفاجئ وزن تلك الخسارة ،وحجم التراجع في التنافس الانتخابي.
هذه النتيجة القاسية،ليست نهاية التاريخ، وربما كانت ضروريّة للتوقّف، وإجراء ما يلزم من تقويم للأداء ومراجعة السياسات،والأيام دوّارة، وتحمل الكثير من المفاجآت،
ليس مهمّا، وصف النتيجة بالخسارة أو الهزيمة أو الفشل، لكن الأهم كيفية التعامل مع هذه النتيجة.
القبول والاعتراف بالخسارة أول الاستحقاق الديمقراطي، ولا داعي لمحاولة التخفيف من وقعها، أو استحضار فلسفة تحويل الهزيمة إلى نصر .
تحمّل المسؤولية،وتقديم قيادة الحزب الاستقالة،يعبّر عن جرأة وروح ديمقراطية عالية، واختبارا عمليا لمدى قبول الحزب والتزامه بقواعد العملية الديمقراطية.
الجهة المعنية بالبحث عن أسباب الخسارة،هي “العدالة والتنمية “بالدرجة الأولى، وبالنظر إلى التجربة من بقية الأحزاب والقوى السياسية في العالم العربي.
هل كان التوقيع على التطبيع مع “اسرائيل”، سببا للخسارة؟
أم أن التماهي مع توجّهات النظام، ونفوذ “المخزن “المطلقة، قيّد قدرتهم على الإنجاز الاقتصادي والسياسي؟…أم أن قانون الانتخابات، ساهم في بعض النتائج؟ …أم أن ثمة أسباب أخرى يعلمها أهل الاختصاص؟
بكل الاحوال،إن كان هدف الدولة العميقة، إفشال تجربة الحزب سياسياً، وافقادهم قواعده الشعبية، فقد نجحوا في ذلك.
تولّي الحزب السلطة التنفيذية، دون تلازم الصلاحية الكافية لتنفيذ برنامجه، أوصله إلى الفشل الاقتصادي.
أضاع الحزب فرصة ذهبية، عندما وقّع على التطبيع، وكان بإمكانه أن يستقيل عندها احتجاجاً على إقامة علاقة مع “إسرائيل”،ويسجّل موقفا مشرّفا، ويحافظ على بعض رصيده، ويخفّف من خسائره السياسية،لدى قواعده الإجتماعية.
بكلمة، خسارة حزب العدالة والتنمية المغربي ،يعني فشل تجربة ،وليس فشل مسار.
ومن السذاجة الاستعجال في الحكم على نهاية الإسلام السياسي،إذ إن الذي خسر في المغرب، هو حزب العدالة والتنمية،وليس الحركة الإسلامية، التي تتمثّل في أحزاب وقوى إسلامية أخرى مختلفة في الاجتهاد مع العدالة والتنمية.
ما جرى في المغرب وتونس وأفغانستان وفلسطين، يستوجب البحث العميق عن منهج الإصلاح والتغيير، فالفكر السياسي،هو الذي يصنع المنهج والمقاربة ،وليس التأثّر بأي حدث أو متغيّر إقليمي أو دولي، مع الاعتراف بخصوصية البيئة في الدول والثقافات المتنوّعة وظروف أي تجربة، حيث لا ينفع الاستنساخ أو الترجمة الحرفية.

* سياسي أردني

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق