انتهت يوم الجمعة(٢٠٢٢/٧/٢٩)، المهلة التي حدّدها، الشيخ بسّام جرار ، لتحقّق نظريته العدديّة في زوال الكيان الصهيوني، وهي النظريّة التي أطلقها قبل أكثر من ثلاثة عقود،وأثارت جدلا كبيرا وواسعا، وانقسم المهتمون حولها بين مؤيّد ومعارض .
وقبل نحو خمسة أشهر، وتحديداً في مطلع شهر آذار/ مارس ٢٠٢٢، ظهر الشيخ بسام جرّار في مقطع مرئي، مؤكّدا لأنصاره ومؤيّدي نظريته العدديّة بزوال الكيان،و أنه مازال هناك وقت لتحقّقها ،وقال حرفياً : ” نحن قلنا ليس قبل شهر آذار من العام 2022 ،وليس بعد شهر حزيران أو تموز على أبعد تقدير”، وتابع الشيخ أنه في حال انتهاء عام 1443 هجري ،وحتى مع بقاء وقت لانتهاء 2022 ،فإن التوقعات تكون قد فشلت.
وقد أبدى جرار حينها قدراً كبيراً من الانزعاج من موجة السخرية التي اندلعت من توقّعاته، ولم يحاول أن يترك مجالاً للمناورة، أو لأي تراجع ،قائلاً: “أنا ما أنا عليه منذ ثلاثين عاماً”، مضيفاً : “الناس هي التي تحكم”.
المفارقة أنه ومع اقتراب الفترة الزمانيَّة التي عيَّنها الشيخ بسام جرار لتحقّق نبوءته بزوال الكيان ،والتي تنتهي رسمياً في 29 تموز / يوليو ٢٠٢٢،ظهر جرّار في مقطع مرئي جديد، مستبقاً أقاويل الناس التي ترك لها الحكم، ليقول إن توقّعاته لم تفشل، وأن هناك أحداثاً حصلت بالفعل سوف تمهّد لزوال الكيان، منها حل الكنيست الإسرائيلي !!
في هذا الظهور، وبدلاً من أن يقرّ جرار بأن توقّعاته قد فشلت، تحدّث جرّار لأكثر من ساعة، وغمز كثيراً من قناة رافضي نظريته، زاعماً أنهم جهلة، لم يطّلعوا على دراساته الرقمية، وتطرّق إلى أمور كثيرة أخرى، لكنها في جوهرها كانت تصبّ في الهجوم على منتقديه.
وبالمثل فعل أنصار جرّار، الذين ذهبوا للبحثَ عن إطارٍ فكريٍّ جديدٍ للتعامل مع إحراج الموقفِ، فأشهروا سيف “اجتهد وأخطأ” ،وله أجرٌ واحدٌ على اجتهاده، ثمَّ تحوَّل موقفهم الدفاعيٌّ إلى موقفٍ هجوميٍّ ضد الذين يهاجمون هذه النظريَّة؛ ووصفهم بأنَّ في قلوبهم مرضاً ، وأنَّهم لا يقدّرون مكانة العلماء!
كما كتب عماد القاضي، وهو أحد العاملين مع جرّار في مركز (نون )للدراسات، منشوراً تحت عنوان : ” “مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا” تهجّم فيها على منتقدي نظرية جرّار ، مؤكّدا أن نظرية جرّار ليست مجرد اجتهاد، بل هي نتاج أبحاث و مجموعة هائلة من الاستقراءات لعلاقات عددية منسجمة مع ترتيب الآيات المتعلّقة بالحدث ومع التاريخ وأحداثه وأسمائه بشكل يحار فيها العقل لكثرتها وتوافقها.
واختتم عماد منشوره بالقول: ” قصدت أن أكتب هذا المنشور وفي آخر أوقات المهلة ، لقناعتي بأن حدثا عظيما قادم بإذن الله ،فإن حصل فخير عظيم ،وإن لم يحصل فهو العجب العجاب”، وهي الجملة الشهيرة التي اعتاد جرّار على ترديدها، عندما كان يتم سؤاله عن موقفه إذا فشلت النظرية.
بالطبع ،فإن سلوك جرّار وأنصاره حتى قبل انتهاء الموعد الرسمي للنبوءة ، لم يكن سوى محاولة يائسة للتهرّب من المسؤولية من أجل طيِّ الصفحةِ سريعاً، كأنَّ شيئاً لم يحدث، وتخويف الآخرين من انتقاد جرّار ومنهجه الرغبائي، وبالطبع فهذا السلوك لم يكن شيئاً غير متوقع لمن كان يتابع جرّر وأنصاره خلال الفترة الماضية.
فمنذ البداية ، لم يكن يرغب أحد من جرّار أو أنصاره راغبين بالاستماع إلى الحقيقة، وكانوا يوجّهون سهام الشتم والتحقير باتجاه كل من يجرؤ على انتقاد النظرية أو الاستفسار عن منهجها الانتقائي، الذي بالمناسبة ليس له علاقة بالعلم أو الدراسات من قريب أو بعيد.
لقد أمضى جرّار ثلاثة عقود يحسب ويجمع ويطرح و ينظّر ويتحدث ويشرح، حتى تلبّسته النظرية تماماً، ولم يعد قادراً على الخروج منها، وتحوّل من مفسّر كبير يحظى باحترام الناس إلى منجّم وعرّاق يبحث بين الأرقام لنشر التوقّعات.
أما أنصاره، فهم في الغالب الأعم ،مجرّد أناس دغدغتهم بشرى الخلاص، وبعضهم أصبح متعصّبا للنظرية ويرفض الاستماع لأي رأي غيرها ،بينما قفز البعض الآخر من مركبة التأييد، بل وأصبح يهاجم جرّار وأنصاره، ويتّهمهم بأنهم أصحاب خرافات.
ومهما قيل في تبرير ما حصل، فإن مصداقية الشيخ بسّام جرّارتم المساس بها، خصوصاً بعدما رفض الاعتراف بفشل توقّعاته، وعدم صواب منهجه التنجيمي، والمطلوب اليوم ليس خوض نقاشات جدليّة وتحليل أخطاء جرار العلمية، والدخول في لعبة الرد والرد المضاد التي يستمتع بها جرّار وأنصاره، بل أن يعترف جرّار بأن منهجه كان خاطئاً، وأن يكون ما حصل درساً لغيره ، في عدن زجّ القرآن في قضايا بهذا المستوى من التسطيح والانتقائية.
استطاع جرّار أن يجرّ الملايين من المسلمين إلى الإيمان بوهم اسمه زوال الكيان الصهيوني عام 2022 .وعليه الآن ، أن يتوقّف عن جرّهم هو وأنصاره إلى معارك وهمية من أجل حرف الأنظار عن الموقف المحرج الذي وضع فيه نفسه، أو أن يرتضي حكم الناس الذي كان يزعم أنه سيوافق على رأيهم، ثم هاهو الآن يهاجمهم ويتّهمهم بالجهل !