بقلم: د. نوّاف هايل التكروري*
أولاً: معنى التأصيل الشرعي هو بيان المصادر الشرعية التي تبين هذا الحق، وتأكيد أنه مستمد من مصادر الشريعة.
والتأصيل الشرعي مطلوب بالنسبة للمسلم في كل قضية في حياته، إذ يكون بذلك منطلقاً من تكليف الشارع له بكل ما يعمله بشؤونه الدينية والدنيوية.
إضافة إلى ذلك ،فإن التأصيل الشرعي هو وضع المسلم تحت مسؤوليته بين يدي الله سبحانه وتعالى ،والتي تشمل مسؤولياته التعبدية والمعاملاتية والوطنية.
فالحكم الشرعي، هو المحرّك الأول للمسلم للقيام بالإقدام أو الإحجام على حسب الأمر الصادر الحكم به، وبذلك يصبح المسلم منتظراً الأجر والمثوبة من الله سبحانه وتعالى، إضافة إلى انتظاره العون والمدد من الله سبحانه وتعالى في الوصول إلى غايته.
أما معنى كون حق العودة حق واجب وليس مجرد حق، فإنه حري بنا أن نفرّق بين الحق المحض وبين الحق الواجب.
فالحق المحض للإنسان: هو ما يجب أن يُمكّن منه الإنسان، ويُحمى له ،بحيث يكون قادراً على ممارسته ،إلا أنه من حق هذا الإنسان أن يتنازل عنه متى شاء ،فمثلاً من حق الإنسان أن يمكن من السفر إلى حيث يشاء ،ما لم يلحق ضرراً بغيره ،وفي الوقت ذاته له أن يتنازل عن هذا الحق.
وأما الحق الواجب ،فهو ما يجب أن يمكن منه الإنسان ،ويُحمى له بحيث يكون قادراً على ممارسته هو وفي الوقت نفسه لا يملك التنازل عنه بل يجب عليه ممارسة هذا الحق والحفاظ على التمكّن منه، فمثلاً من حق المسلمة أن تمكّن من الحجاب ،ولا يجوز لأحد أن يحول دون تمكّنها من ذلك. ومن هنا، فإن الذين يمنعون هذا الأمر مع إدّعائهم الديمقراطية و(حقوق الإنسان) إنما يعتدون على حق خاص بالمرأة لا يجوز أن يمنعها منه أحد، ولكن في الوقت ذاته فإنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتنازل عن هذا الحق فتخلع حجابها وإلاّ كانت آثمة.
وكذا من حق الإنسان أن يمارس شعائره التعبدية ،ولا يحق له التنازل عنها، وفي الوقت نفسه فإنه يجب عليه أن يقوم بهذه الشعائر.
وبناء عليه ،فإننا في سياق بيان أن حق العودة حق واجب نقول:
إن من حق كل فلسطيني أن تتاح له العودة إلى أرضه التي أخرج منها قسراً وقهراً، وكان خروجه ممزوجاً بآمال عودته إليها في أقرب وقت.
وهذا الحق تقرّه كل الشرائع السماوية والأرضية، إذ لا يمكن أن يصبح قهر القوي للضعيف تشريعاً وأمراً واقعاً يحول الأملاك والحقوق، ويجعل المجرم مالكاً شرعياً وصاحب سلطان قانوني ، بل إن هذا الحق يثبت للمسلم على أملاكه الخاصة عندما يُعتدى عليه، فيجب على الجهات المختصة أن تمكّن صاحب الحق من حقه، وأن تردّ له حقوقه ،وأن يُرد هو إليها ويمارس حقه بالتصرف بها ،ولكن في هذه الحالة فإنه يمكن لصاحب الحق أن يتنازل عن حقه لأخيه أو للمعتدى عليه إحساناً منه، فإذا كان مغتصب الحق والمعتدي يقيم عليه سلطة ويمكن منها ومحارباً ،فإن دفعه لا يعود مجرد حق وإنما يصبح حقاً واجباً، وكذا المطالبة واجبة وهو ما عليه إجماع الفقهاء.
داعية وفقيه فلسطيني.
(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).