قراءة في نتائج ” الجماعة الإسلاميًة” في الانتخابات اللبنانيّة
134 دقيقة واحدة
بقلم : أوّاب إبراهيم المصري نشرت وزارة الداخلية الأرقام التفصيلية للانتخابات، وما كان سراً من الأسرار يحتاج “منجّم مغربي” بات مكشوفاً معروفاً لايتطلّب خبير إحصاءات ولا قارئة فنجان. ومن المفيد إعادة قراءة هذه الأرقام وفهم دلالاتها. وفي هذه السطور سأتناول الأرقام التي نالها مرشحو الجماعة الإسلامية في بعض الدوائر الانتخابية. مرشح الجماعة في دائرة (الشوف-عاليه) نال أكثر من 5000 صوتاً لكنه لم يفز، بسبب عدم تمكّن اللائحة المنضوي فيها من تأمين حاصل انتخابي. مرشًح الجماعة في هذه الدائرة شاب مغمور في مقتبل العمر، الاستحقاق الانتخابي أول تجربة سياسية في مسيرته، لا يعرفه سوى أبناء بلدته ومحيطه، وربما كان والده معروفاً أكثر منه، كما لم تسنح له الفرصة للإطلالة على أي وسيلة إعلامية لتقديم نفسه للناخبين، رغم كل ذلك نال أكثر من 5000 صوتاً. علماً أن مرشحة المجتمع المدني التي فازت بمقعد نيابي في الدائرة نفسها نالت قرابة 6700 صوت، وهي ناشطة منذ سنوات، يعرفها اللبنانيون جيداً بسبب إطلالاتها المتكررة على مختلف وسائل الإعلام بشكل شبه يومي. الخلاصة: الأرقام التي حصّلها مرشّح الجماعة في هذه الدائرة تشرّف أبناءها ويُبنى عليها، وتؤكّد أن للجماعة في هذه الدائرة نواة صلبة، ولو قُدّر لمرشًحها أن يكون في لائحة قادرة على تأمين حاصل انتخابي لفاز بالمقعد النيابي، علماً أن أحد الفائزين في الدائرة نفسها نال قرابة 4300 صوتاً فقط. الكلام نفسه يسري على مرشح الجماعة في دائرة البقاع الغربي وراشيا، الذي نال قرابة 3000 صوتاً، وهو كان أول الخاسرين. ولو قدّر للائحته أن تنال حاصلاً انتخابياً إضافياً لكان اليوم تحت قبّة البرلمان. علماً أن الأصوات التي نالها تزيد بأكثر من 500 صوت عن تلك التي نالها نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي الذي يشكّل أحد أركان السلطة وكان مرشّحا على لائحة الثنائي الشيعي. أيضاً مرشًح الجماعة في دائرة الضنية، نال أصواتاً يمكن البناء عليها رغم تواضعها نسبة لبقية المرشحين. فكثيرون كانوا يعتقدون أن مرشّح الجماعة في هذه الدائرة لن ينال أكثر من بضع مئات من الأصوات. صحيح أن المرشح شخصية قديرة ومعروفة في منطقته، وله باع طويل في فعل الخير وتقديم الخدمات وبناء المؤسسات، لكنه طارئ على العمل السياسي. كما أن هناك عاملاً لايجب إغفاله وهو وجود مرشّح منافس في لائحة أخرى قريب من أجواء الجماعة، رغم كل ذلك نال مرشح الجماعة قرابة 2300 صوتاً. هذا عدا الأصوات المقدّرة التي نالها مرشحيْ الجماعة في بيروت وطرابلس. ما يجب أن تدركه الجماعة الإسلامية، هو أن الأصوات التي حصلت عليها والتي تقارب 25000 صوتاً تفضيلياً في مختلف الدوائر الانتخابية، ليست فقط أصوات مؤيّديها ومناصريها، بل أيضاً أصوات شريحة واسعة من المسلمين وجدوا في الجماعة الخيار الأنسب بين بقية المرشحين، وهذا أمر يجب إدراكه والتعامل معه بحكمة. لعلّ الخطأ الأبرز الذي وقعت فيه الجماعة وحرمها من أصوات مقدّرة، تمثّل بإهمال المغتربين من أبنائها ومناصريها. فلم يتمّ التواصل معهم ولا دعوتهم للاقتراع وتعريفهم بمرشحيها. كما لم يتم الاستفادة منهم ليشكّلوا ماكنة انتخابية مجّانية في بلاد اغترابهم. هذا الأمر أفقد الجماعة عنصر قوّة كان يمكن أن تتفوّق به عن بقية المرشحين واللوائح. وقد كشفت الأرقام أن بعض المرشّحين حسمت أصوات المغتربين فوزهم. ولو أن الجماعة بذلت جهداً متواضعاً في تحفيز المغتربين للاقتراع ،لكانت على الأرجح تنعم اليوم بكتلة من 3 نواب على الأقل.