بقلم : فؤاد الخفّش*
قد تكون الطريقة التي قُتِل فيها الشهيد مجد البرغوثي، أبشع بكثير من طريقة اغتيال نزار بنات رحمهما الله،فالشيخ مجد تعرَّض لتعذيبٍ لمدة طويلة، وصعدت روحه بوقت أطول من تلك التي استغرقتها عملية قتل نزار الذي ضُرِبَ ضربة أصابته في مقتل، وآثار التعذيب على جسد مجد كانت أكثر وأشدّ ألمًا …
ليس هذا الذي أريد نقاشه، لا طريقة القتل ولا التعذيب، بل أريد أن أتحدّث عن رد الفعل بعد الحَدَثين؛
الأول،لم تخرج مسيرات، ولم يرد أتباع الشيخ وحركته التي تعد الأكبر والأكثر، ولم تُرفع قضية على القَتَلة، ولم تأخذ ذات الصدى والبعد
بينما قضية نزار أخذت زخمًا وبُعدًا أكبر …
سألت أحد الأصدقاء ، لو كان نزار ينتمي لحماس، هل كان سيُلاقي ذات التفاعل والغضب؟ قال لي لا …
ومن أجل نقاش هذه القضية، علينا معرفة بعض الأمور التي لها علاقة بالتربيّة والخلفيّة الثقافية …
فالاتجاه الديني الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، تربىّ على كتب رسّخت فيهم الاستسلام للتعذيب، فكتب الجماعة في مصر وسوريا صوّرت قادة الجماعة الذين تعرّضوا للتعذيب الشديد بالأبطال والصامدين والثابتين على الحق، وكأن دور الإنسان هو فقط الصمود والتحمّل واحتساب الأجر عند الله .
بينما الحركات الأخرى من اليساريين والقوميين، نمّت لدى أفرادها الحس الثورى وضرورة الرفض والمقاومة، وهذا جَليّ في الكثير من المواقف…
قد يقول البعض:إن الظروف والوقت مختلفان، فأقول: بتقديري لا، التربية هي المختلفة، فالإسلامي المنحدر من أصول قريبة للإخوان المسلمين، هذه سايكولوجيته وهكذا تربّى واعتاد…
هل هذه التربية صحيحة؟ ليس هذا الذي أريد أن أجيب عليه، بقدر ما أريد أن أشخّص حالة وأصف سلوكًا وتربية وثقافة ونهجًا اعتدنا عليه، لم نستطع تغييره وتبديله لأن الأصل غلّاب…
آلاف حالات الاعتقال السياسي التي طالت أبناء حماس في الضفة منذ عام ١٩٩٤ من تعذيب بشع ، أدّى إلى استشهاد داخل التحقيق في بعض الحالات .. شخص واحد لم يخرج عن القاعدة ولم ينتقم ويثأر لأنه ينحدر من ذات المدرسة التي تُعد التعذيب ضرورة ملازمة لمن يسير على هذا الطريق، ومرة أخرى هنا لا أُحرِّض، ولست ضد أو مع بقدر ما أريد أن أصف سلوكًا ونهجًا ومدرسة تربَّينا في كنفها، ولا أعلم إن كانت هذه التربية صحيحة أو مخطئة!
- ناشط حقوقي فلسطيني.
- (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).
زر الذهاب إلى الأعلى 
