مصطفى الشنّار*
في كل مرحلة من مراحل الحوار الوطني الفلسطيني، الممتد منذ 2005 وحتى الان ، كان الرئيس محمود عبّاس ،هو من يطلق رصاصة الرحمة على أمل النجاح في المصالحة، أو يجمّدها بمبرّرات واهية . ولذلك بقيت كل الاتفاقيات الموقّعة، حول المصالحة والتوافق الوطني حبرا على ورق . والادلة كثيرة لا تحصى .
1- ففي الايام الاخيرة،عاد السفير الفلسطيني إلى البحرين،التي قادت واحتضنت عملية تطبيق صفقة القرن ، وانتهى ( عرس مقاومة التطبيع الباهت والمفتعل ) بقرار من الرئيس ، والنتيجة مزيد من الإحباط للشارع الفلسطيني والعربي ولاحرار العالم ، المناصر للقضية الفلسطينية.
2- تم إعادة العلاقة الكاملة مع الاحتلال ،بما فيها التنسيق الامني، وقبول المقاصة،بقرار من الرئيس ( وبصفة الانتصار الكبير )،متجاوزا بذلك كل المؤسسات والمرجعيات في المنظمة والسلطة، ودون انتظار انتهاء جولة الحوار في القاهرة على الأقل.
ورحم الله الدكتور حيدر عبدالشافي رئيس الوفد الفلسطيني في مؤتمر مدريد ، الذي كان يحاور في واشنطن عام 1993، عندما تم الإعلان عن اتفاق اوسلو ،بنفس السيناريو المهين،وهو لا يعلم .
3- وسيعود السفير الفلسطيني إلى الإمارات، خلال الايام القادمة، بقرار من الرئيس، وكأنك يا ابا زيد ما غزيت .
4- وأجهض الأمل الكبير المنعقد على جولة الحوار الاخيرة في القاهرة، والتي جاءت لاستكمال البناء على ما تم انجازه في تركيا ،أيضا بقرار من الرئيس 5- وتم تضييع ( مرحلة ترمب )،التي وفّرت من اليوم الأوّل ،مبرّرات قوية جدا،لقبول التوافق الفلسطيني والمصالحة الداخلية،( دوليا واقليميا ووطنيا )،وكل ذلك بسياسة ومواقف الرئيس.
6- ثم إن الرئيس ،بدلا من أن يرتكز على المجلس التشريعي المنتخب في اعادة بناء الواقع الفلسطيني المعقّد،أقدم على حلّه بقرار قضائي مسيّس، يفتقر إلى أدنى درجات الدستورية،ودخل المشهد الوطني في مزيد من التعقيد،والأحداث طويلة.
7- ثم إن الرئيس، هو من اتخذ قرار إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، وانتخاب لجنة تنفيذية مشلولة،وغير قادرة على تحمّل أعباء المسؤولية الوطنية ( في الوحدة والتحرر والاستقلال )،في هذه المرحلة المصيرية الأكثر خطورة على مستقبل القضية والشعب،ودخلنا مزيدا من التمزّق، بخروج المزيد من الفصائل من المشهدالسياسي.
8- الرئيس ،هو من يرفض حتى الساعة تزامن الانتخابات التشريعية، والمجلس الوطني،ويصرّ على الانتخابات التشريعية أوّلا ، حتى يبقي على سيطرته على المنظمة،ويوقف انتخابات المجلس الوطني،ويحول دون مشاركة فصائل المقاومة في منظمة التحرير متى شاء وهذا ينمّ عن أزمة ثقة ، والمتشكّكون والمتربّصون ببعضهم البعض ، لا يصنعون الوحدة والتوافق .
والخلاصة : فإننا إذا أردنا ،أن نصحّح بوصلة الشعب الفلسطيني، بعيدا عن الحسابات الفئوية والفصائلية ، فلا بد من المباشرة بالانتخابات الرئاسيةأوّلا، قبل الانتخابات التشريعية والمجلس الوطني، وذلك لانتخاب رئيس وحدوي جديد، أقرب الى روح الشباب، وقريب من المواطنين وهمومهم وواقعهم الصعب،وقادر على اعادة توحيد وتجميع الشتات الفلسطيني ، ثم بعد ذلك يقود هذا الرئيس الشرعي المنتخب (مهما كان لونه السياسي )،عملية الإصلاح الشاملة للواقع الفلسطيني المعقّد بالحوار مع الكل الوطني، وبلا استثناء، ويعمل على تطبيق الاتفاقات الموقّعة لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني،على قاعدتي الديموقراطية والشراكة الوطنية.وكل المحاولات في غير هذا الاتجاه ، ستبقى ضربا من العبث وطحنا في الماء !
*أكاديمي فلسطيني
(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)
زر الذهاب إلى الأعلى