وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة الماضية، ميزانية الدفاع الأميركية لعام 2023 التي قدّمها الكونغرس،وتضمّنت قانوناً خاصاً لتعطيل وتفكيك إنتاج النظام السوري للمخدّرات القاتلة وتهريبها.
وقد سمّت وسائل الإعلام القانون باسم مكافحة “كبتاغون الأسد”، إذ يحتوي القانون الذي أقرّه الكونغرس الأمريكي، بمجلسيه “النواب والشيوخ”، على تفويض وزارة الدفاع وضع استراتيجية مكتوبة، لتفكيك تجارة “الكبتاغون” المرتبطة بالنظام السوري.
ووفقاً لإحصاءات جمعتها وكالة فرانس برس، تُعد حبوب الكبتاغون اليوم أبرز الصادرات السورية، وتفوق قيمتها كل قيمة صادرات البلاد القانونية، إذ باتت سوريا مركزا أساسيا لتصدير هذه الحبوب من خلال شبكة كبيرة تمتد إلى لبنان والعراق وتركيا وصولاً إلى دول الخليج.
غير أن الشكوك تحوم حول قدرة الولايات المتحدة على وقف هذه التجارة، وخاصة بعد أن ترسّخت خلال السنوات الماضية، وتورّط فيها أعضاء في النظام على أعلى المستويات، كما باتت تشكّل دخلاً أساسياً له ومصدرا للحصول على العملة الصعبة.
ويؤكّد العديد من الخبراء أن القانون الأمريكي “أقل من الطموحات”، حيث ركّز البيت الأبيض في بيانه حول القانون على الكبتاغون، في حين يوجد مواد أخرى مماثلة مثل الهيروين والكوكايين، كما أنه يهمل الحدود البحرية والحدود التركية والعراقية والمناطق الخارجة عن سيطرة النظام في سوريا.
ويشير الخبراء إلى أن القانون ركْز على الجانب التوعوي ، دون ذكر إجراءات مباشرة وصارمة، ومازال من غير الواضح تماماً كيف من الممكن تفكيك هذه المنظومة التي تعمل في مناطق سيطرة النظام دون استخدام القوة.
غير أن بعض الخبراء، يشيرون إلى أنه من المبكّر تماماً إطلاق الأحكام حول القانون الجديد، الذي مازالت طريقة عمله مجهولة، إذ من المفترض أن تعقد وزارات : الخارجية والدفاع والخزانة ووكالة مكافحة المخدرات والمجتمع الاستخباراتي المزيد من الحوارات بينها لوضع استراتيجية فعالة لمكافحة تجارة الكبتاغون.
ويؤكّد هؤلاء الخبراء أن القانون يعدّ خطوة مهمة باتجاه محاربة تجارة الكبتاغون التي يديرها النظام السوري، ويحدّد بنوداً لطريقة مواجهة هذه التجارة، إذ يطالب المشرّعون الأمريكيون بأن تتضمّن الاستراتيجية المكتوبة التي سيتم العمل عليها في المرحلة المقبلة( 5 ) بنود أساسية هي:
1- استهداف وتعطيل وإضعاف الشبكات التابعة للنظام السوري التي تدعم بشكل مباشر أو غير مباشر عملية تصنيع المخدّرات، من خلال المساعدة والتدريب لأجهزة إنفاذ القانون في الدول التي تتلقّى أو تُعد نقطة عبور لكميات كبيرة من “الكبتاغون”.
2- المعلومات المتعلّقة باستخدام السلطات القانونية، بما في ذلك قانون “قيصر” لحماية المدنيين، وقانون “تعيين الشبكات الأجنبية للمخدرات”، وقانون المساعدة الخارجية، والإجراءات المرتبطة باستهداف الأفراد والكيانات المرتبطة بالهيكلية الأساسية لشبكات المخدرات التابعة للنظام السوري.
3- استخدام العلاقات الدبلوماسية العالمية من أجل استهداف البنية التحتية المتعلّقة بالمخدّرات التابعة للنظام السوري.
4- تنظيم حملة إعلامية عامة لزيادة الوعي بمدى ارتباط النظام السوري بتجارة المخدّرات غير المشروعة.
5- تقييم حالة البلدان التي تتلقّى شحنات كبيرة من “الكبتاغون” أو تعبرها، وتقييم قدرة مكافحة المخدّرات في هذه الدول على اعتراض أو تعطيل تهريب “الكبتاغون”، والمساعدات المقدّمة لها.
لا يزال من المبكّر الجزم بالاتجاه الذي ستسلكه إدارة بايدن في التعامل مع القانون، وما إذا كانت ستستفيد منه لمزيد من الانخراط في الملف السوري بحيث تضع استراتيجية متشدّدة أم أنها ستعمد إلى التملّص من مراميه السياسية والتي أرادتها الهيئة التشريعية،لكن القانون في حاله تطبيق بطريقة مشدّدة قد يؤدي لسيناريوهات قاتمة وفقاً لصحفية (الأخبار )اللبنانية المقرّبة من النظام السوري،التي توقّعت أن تستهدف طائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، بعض المنشآت الإقتصادية والخدمية بحجة الاشتباه بتصنيعها للمخدّرات.
كما أشارت الصحيفة اللبنانية ،إلى أن القانون الجديد سوف يعرقل الصادرات السورية المتّجهة إلى الخارج، ويؤدّي إلى تشديد الرقابة على الواردات ، بحجة استهداف المواد التي تدخل في تصنيع المخدّرات، وفي كلتا الحالتين سيؤدي ذلك فقدان سلع أساسية وتلف للبضائع.
يشار إلى أن مؤسسة المجلس الأطلسي البحثية الأمريكية، كشفت في تقرير لها قبل أشهر، معلومات صادمة عن حجم الأرباح التي يحقّقها النظام السوري من تجارة وصناعة المخدرات، مشيرة إلى أن النظام السوري يعدّ أحد أكبر المنتجين والمصدّرين للمخدّرات والمواد الممنوعة في الشرق الأوسط.
وقال التقرير، إن القيمة السوقية للكبتاغون السوري عام 2020 ،وصلت إلى 3 مليار دولار، أي خمسة أضعاف قيمة الصادرات المشروعة للبلاد، وهي عائدات المخدّرات في سوريا التي يستحوذ عليها الموالون للنظام السوري الذين يسيطرون على المصانع.
زر الذهاب إلى الأعلى