بقلم : وائل البتّيري
وغادرت السيدة الفاضلة “منال محيلان”، والدة المعتقلين الأردنيين في سجون الإمارات، ياسر وعبدالله أبو بكر، وابنة قاضي قضاة الأردن الأسبق “محمد محيلان”، والتي أشهدُ أنها ما خذلت ولديها، وبذلت الغالي والنفيس من أجل إطلاق سراحيهما، وما تركت باباً يقف خلفه من قد يساعدها في منح الحرية لنجليها؛ إلا وطرقته بلا تردد، حتى وإنْ كان باب وزير لا يأبه لطرقاتها، أو مسؤول يمنّ عليها باستلام مدير مكتبه لرسالتها دون فائدة، أو محتال يدعي أنه قادر على مساعدتها إنْ هي دفعت له مبالغ طائلة.
هي صاحبة روح مرحة، تحبّ أن ترى السعادة في عيون الآخرين، وتسعى ما استطاعت لرسم الابتسامة على وجوه المحزونين.. ولكنها بعد اعتقال ولديها؛ ما أكثر ما كانت تؤنّب نفسها إذا ضحكت أو نسيت لبرهة معاناتهما خلف القضبان، وسرعان ما تعود إلى البكاء الطويل، مع الصبر الجميل..
كم آلمني صوتها الحزين..
كم أتعبتني دمعاتها المتدفقة، وبكاؤها الشجي على فراق عبدالله وياسر..
كم أرهقتني آهاتها وأنّاتها على أحفادها الذين حُرموا حنان الأب، ودفء حضنه الوفيِّ الرحيم..
كم جلدتني بسياط استغاثاتها واستشاراتها المتكرّرة، لعلّها تعثر على سبيل يستمطر رحمةً سجان، أو مساعدة مسؤول.. كانت تقول لي إن “المسؤولين في وزارة الخارجية يضحكون عليّ، فهم كلّما تحدّثت عن قضية أبنائي في الإعلام؛ هدّدوني بالتوقف عن الوساطة لأجل الإفراج عنهم، ولكنني أعلم أنهم يكذبون!”.
إيه يا أم المعتقلَين الصابرَين! هل تسامحينني لأنني أيستُ من قضية ولديكِ، ولا والله ما أيستِ ولا تراجعتِ، وبقيتِ صابرةً مثابرةً ،رغم ما تحملتِ من تبعاتٍ ينوء بحملها الأشداء من الرجال؟!
رحمكِ الله يا خير الأمهات.. ولعنة الله على الظالمين الذين حرموكِ من حبيبيكِ عبدالله وياسر، وأرهقوا جسدكِ النحيل الذي ما عاد يحتمل العيش بين قومٍ خذلوا دمعاتِك، وصمّوا آذانهم عن صرخاتِك، واستعذبوا حياة الذل والقهر والهوان والاستعباد.
لا عزاء للمتخاذلين..
*كاتب أردني
(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)
زر الذهاب إلى الأعلى