هل تستحق استعادة حركة حماس علاقاتها مع النظام السوري هذه المغامرة الكبيرة من قيادتها ؟!
245 2 دقائق
بقلم : جمال صادق أبوعامر
اتخاذ القرارات وفق قواعد الإدارة السليمة، تقتضي أن نوازن بين إيجابيات و فوائد الفعل، و بين أضرار و سلبيات هذا الفعل ، من ثم تكون هناك مقارنة بين المنفعة و الضرر ، أو وفق قاعدة أخف الضررين أو وفق قاعدة درء المفاسد أولى من جلب المنافع .. . إذا توقّفنا عند قرار قيادة حركة حماس، إعادة علاقاتها مع النظام السوري ، فما هي المنافع و ماهي الأضرار .. أولا حساب المنفعة المرجوة من هذه الخطوة : ١- تعزيز علاقاتها مع إيران الداعم الرئيس للحركة في المجال العسكري . ٢- العودة للساحة السورية،واستعادة الحركة مقارها وممتلكاتها التي تركتها عند مغادرتها الساحة السورية.. ٣- عودة مفترضة لممتلكات قيادات حركة حماس من بيوت و عقارات(و هذا الأمر لازال غير محسوم ). ٤- خروج بعض المعتقلين المنتمين لحماس أو المحسوبين عليها من سجون النظام . ٥- عودة الدفء للعلاقات بين حماس و النظام ، مما سينتج عنه توقّف حملات التشويه ضد حماس من محور النظام و الحزب .. ثانيا : الأضرار المتوقّعة : ١- ستفقد الحركة مساحة كبيرة من داعميها و مؤيّديها في العالم الإسلامي و السني على وجه الخصوص . ٢- انحياز الحركة للمحور الإيراني ،سيؤدّي بالضرورة لإحداث ابتعاد أكثر مع دول عربية و اسلامية تناصب إيران والنظام العداء . و بالتالي يزداد التوتّر مبدأيا في العلاقات بين الحركة و السعودية على وجه الخصوص . ٣- ستفقد الحركة كثيرا من شعبيتها داخل الوسط السوري ،خصوصا كبار العلماء، وكبار رجال الأعمال الذين كانوا يدعمون الحركة بمختلف أشكال الدعم المادي و المعنوي إبان وجود الحركة على الأراضي السورية. ٤- ستفقد الحركة شعبيتها و تأييدها لدى الشريحة الكبرى من فلسطينيي سوريا الذين سقط منهم آلاف الشهداء و المعتقلين وخسروا ممتلكاتهم، بسبب سياسات النظام و قصفه الهمجي للمخيّمات و أماكن وجودهم، و من ثم تهجير المخيمات و في مقدمتهم مخيم اليرموك و إجبارهم للنزوح و الهجرة للشمال السوري .. و بالتالي ستظهر الحركة بمظهر الذي طعنهم من الخلف و تخلّى عنهم بعدما كانوا يشكّلون السواد الأعظم لشعبية الحركة في سوريا .. كيف ستواجه الحركة هؤلاء الذين فقدوا عائلاتهم و ممتلكاتهم و هتكت أعراضهم على أيدي مليشيات النظام ؟! ٥- في حال عودة الحركة للساحة السورية، ستكون قيادات وكوادر الحركة الموجودة في سوريا أو التي ستزور الساحة السورية، ستكون عرضة لعمليات استهداف سهلة، خاصة و أن الأجواء و الأراضي السورية أضحت مستباحة للعدو الصهيوني لا بل لكل أجهزة استخبارات العالم. ٦- خسارة حماس لمكانتها السامية لدى عموم الجماهير، كقائدة ورائدة للمقاومة الإسلامية الممثّلة لأهل السنة، و هذا بالطبع هدف المحور الإيراني، الذي يسعى إليه منذ زمن بعيد . فالمطلوب تشويه الوجه المشرق للمقاومة الإسلامية السنية على مستوى العالم .. و سيكون من شبه المستحيل إعادة هذه المكانة السامية للحركة بين الناس قبل مرور سنوات طويلة . ٧- انضمام حماس للمحور الإيراني ، سيعرّضها لمزيد من العقوبات الغربية و الأمريكية ،وستزداد الضغوط عليها من خلال ضغط الغرب على الدول العربية التي تقدّم مساعدات و معونات لها أهمية كبيرة في الشارع الفلسطيني والغزّي على وجه الخصوص. ختاما، يمكن القول إن الفائدة المرجوة من عودة حماس للساحة السورية، سيكلفها الحركة الكثير من رصيدها الشعبي المحلي و الإقليمي والعالمي ،مقابل فوائد غير مجزوم بالحصول عليها و مشكوك فيها ، فالنظام السوري نظام متهالك ،ضعيف ،مستباح في جوّه وبرّه وبحر و مرتهن بين المحتلين الإيرانيين و الروس ، وستكون الحركة عرضة للاستهداف المتكرّر في سوريا على غرار ما يقع من استهداف للوجود الإيراني و مليشياته الشيعيّة في سوريا. السؤال الاخير : هل تستحق استعادة حركة حماس علاقاتها مع النظام السوري ،أن تغامر قيادتها هذه المغامرة الكبيرة ،بفقدان موقعها ومكانتها و شعبيتها ، مقابل مجموعة من المكاسب المتوهّمة أو غير المضمونة ؟!… ما نخشاه، أن تكون آمال قيادة حركة حماس، كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا !