بقلم : أحمد أبا زيد
هناك أوهام يتم ترويجها لتبرير التقارب التركي مع النظام السوري، سواء قيلت للأتراك أم للسوريين:
أولاً: بالنسبة لمناطق قسد ، فهي موجودة بقرار أمريكي، ولو اتفقت تركيا مع النظام، فهذا الخط الأحمر لن يتغيّر بسبب تقاربهم، ولو سيطر النظام جدلاً على هذه المناطق -لأنه لن يعطيها لتركيا طبعاً- فالحدود التركية ستكون بوضع أسوأ، وتجربة الأردن واضحة جداً، وستكون الحدود التركية أسوأ، لأن التهديد الأمني سيكون مباشراً بعد حرب 10 سنوات ،ولن يقتصر على تهريب المخدرات.
ثانيًا: بالنسبة لعودة اللاجئين، فإن وجود اللاجئين في تركيا لم ينشأ بسبب المشكلة بين أردوغان والأسد، وإنما لمشكلة اللاجئين أنفسهم مع الأسد،ولأن سوريا لم تعد صالحة للعيش، وخاصة مناطق النظام، لعلّ معظم المهاجرين الجدد من داخل سوريا هم من الحياديين والمؤيّدين.
فلن تساهم هذه العلاقة في إعادة اللاجئين،بل على العكس ستزداد معدلات الهجرة إلى تركيا وأوروبا قطعاً، نتيجة الخوف أكثر من تهديد النظام أو ترسيخ نموذجه.
ثالثًا: إن العلاقة مع النظام لن تسهم في إقناع النظام بإعادة اللاجئين، علاقات النظام جيدة مع الأردن ومصر ولبنان، ومع ذلك لم يرجع اللاجئون من هذه البلدان، ولا يسعى النظام إلى ذلك، ولا يريد كتلة بشرية معارضة له في مناطقه، أو حتى كتلة حيادية تكلّفه اقتصادياً، بل هو يسعى للتخلّص ممن لديه.
رابعاً: هل تسهم العلاقة مع النظام في حماية المناطق الخارجة عن سيطرته، أو مناطق النفوذ التركي؟
حصل اتفاق الجنوب برعاية روسية أمريكية إسرائيلية أردنية، ورغم ذلك لم يلتزم النظام، وشن عدة حملات عسكرية وقصف وحاصر واقتحم المناطق، واغتال المئات ممن أجروا تسوية معه، وجرت أكبر موجة هجرة من الجنوب منذ سنوات، الاتفاق مع تركيا لن يكون أفضل ولن تكون أقدر من هذه الدول على فرض شروطها بلا أدنى شك.
خامساً: هل يمكن الحفاظ فعلاً على علاقة تركية قوية مع الحاضنة الشعبية في الشمال أو قوى الثورة العسكرية أو المعارضة السياسية ، في حال تقدّمت علاقاتها مع النظام، وحياة هؤلاء وقضيتهم ستكون على طاولة التفاوض؟
هذا شبه مستحيل، مصلحة تركيا هي مع قوى موجودة تتحالف معها وتضمن وجودها وتأثيرها، وليس مع نظام تنتظر شروطه وتطلب رضاه، دون أن يكون قبوله ضرورياً لوجودها في سوريا أصلاً، والحفاظ على المنطقة ممكن دون العلاقة مع النظام، على العكس العلاقة هي التي ستهدّد نفوذ تركيا ووجودها في سوريا ومصداقية سياساتها الخارجية ووعودها لحلفائها.
* كاتب وباحث سوري
(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)
زر الذهاب إلى الأعلى