مقالات

حكم البيعة

بقلم : د. محمّد عيّاش الكبيسي*
وصلتني أمس ،رسالة من بعض الإخوة -لا أدري حقيقة لماذا تثار الآن وما مناسبتها- يسألون عن واجبهم الشرعي تجاه هذا الحديث الشريف (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)..
خلاصة الجواب:
١-البيعة المقصودة في هذا الحديث ، إنما هي بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بيعة خلفائه من بعده في قيادة الأمة. فإذا اجتمع المسلمون على إمام بشروطه الشرعية ، فلا يصح الخروج عنه.
٢-تشديد الوعيد (ميتة جاهلية) ،المقصود منه التحذير من فعل الخوارج ونحوهم ،وكل دعوة تسعى للفتنة وتمزيق الأمة.
٣-اليوم ،لا يوجد الخليفة الشرعي الذي تنعقد له البيعة من عامة المسلمين، وإنما توجد دول قطرية تلزم مواطنيها فقط دون غيرهم من المسلمين بالخضوع لسلطان الدولة، وهذه لها أحكام شرعية خاصة لا مجال لتفصيلها الآن، ولذلك فالحديث لا ينطبق على هذه الحالة .
٤-وجود جماعات إسلامية تأخذ البيعة من أتباعها تطبيقا لهذا الحديث، فإن هذا لا يجوز وفيه مخاطر وآثام وتبعات كبيرة، أما إذا كان على صيغة التعاهد على أعمال الخير، فهذا مشروع، وللمسلم أن يتعاهد مع إخوانه على عمل الخير ، تحت أي اسم أو عنوان كان، وله أن يعاهد أكثر من جماعة أو مجموعة في وقت واحد، كأن يعاهد مثلا مجموعة خيرية، وأخرى دعوية، وثالثة سياسية، وله أن يقول: أعمل معكم لمدة سنة أو أكثر ، لأن العهد هنا عهد على عمل وليس (ولاء وبراء)، إذ الولاء والبراء ينبغي أن يبقى للأمة كلها وعاما لكل المؤمنين كما قال تعالى: (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) (إنما المؤمنون إخوة) وقصر الولاء على جماعة من المؤمنين دون غيرهم محرّم قطعا.
فالحديث يتكلّم عن حالة واحدة فقط؛ وهي وجود خليفة شرعي انعقدت له بيعة الأمة، فمن خرج عن هذا فمات فميتته جاهلية. وهذه الحالة غير موجودة الآن.

* مفكّر وفقيه وداعيّة إسلامي عراقي.

* (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق