بقلم : د. وليد عبدالحي*
على الرغم من كل تحفّظاتي العديدة جدا على أداء حركة الإخوان المسلمين في الوطن العربي، عبر تاريخها الذي قارب على القرن، وعلى الرغم من أن النصوص السياسية “حمّالة أوجه” هي الأخرى ، إلا أن القراءة الواقعية تقول ، إن هذه الحركة –بعيدا عن الحب والكره الغرائزي- هي الحركة الأكبر من حيث القاعدة الشعبية ،وكل الانتخابات العربية التي توافرت لها مقوّمات الحد الادنى من النزاهة والتي سُمِح فيها لهذه الحركة بالمشاركة، عزّزت تصدّرها للقوى السياسية من حيث التمثيل الشعبي، ولعلّ أبرزها فوز محمد مرسي في انتخابات الرئاسة بأكثرمن 13 مليون صوت.
لكن الانقلاب العسكري المتدثّر بانتخابات مصنوعة ،اعتقل الرجل ، وأودعه السجن ليبقى فيه حتى وفاته.
واليوم تتمّ دعوة القوى السياسية المصرية(وأغلبها قوى هامشية جدا،أو مصنوعة،أو متوهّمة،أو نخبويّة جدا،) للحوار مع استثناء الاخوان المسلمين من المشاركة، وهذا يشبه فريق كرة قدم يشترط على الفرق التي تنافسه أن تلعب بدون حارس مرمى.
لست معجبا بسياسات الإخوان في جوهرها ولا بخياراتها الاستراتيجية ، ولكني مصرٌ على حقهم في الوجود السياسي، والتعبير عن هذا الوجود، شأنهم في ذلك شأن أية قوة سياسية أخرى،خاصة أنهم الأكبر، وهم يقدّمون رؤية سياسية واقتصادية واجتماعية تتناقض مع رؤية السلطة الرسمية، وهذا أمر طبيعي، ففي كل دول العالم هناك رؤية رسمية حاكمة تقدّمها السلطة، وهناك رؤى سياسية اخرى تقدّمها المعارضة، لكن اشتراط السلطة أن لا تتحاور مع من ” تتوجّس انتصاره في صندوق الاقتراع” ، هو اعتداء على حق أكثر من 13 مليون مواطن صوّتوا لمرشّح القوة الممنوعة من المشاركة في الحوار، ولا داعي للتستّر بالاتهامات الجزافية لاستبعادهم، فمن كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر !
من جانب آخر ،إذا كان معيار التفضيل بين القوى السياسية هو الإنجاز ،فان مصر بعد ثماني سنوات من الحكم العسكري تحتل حاليا المراتب التالية عالميا:
1- الاستقرار السياسي: المرتبة 114
2- الراسمال البشري والبحث العلمي: 93
3- البنية التحتية 92
4- الاختراعات: 104
5- النشاط الاقتصادي(الاستثمار والدخل والناتج المحلي…الخ): 106
6- الديمقراطية: 132
7- الجريمة الاجتماعية:78
8- الفروق الطبقية:87
ذلك يعني أن مصر تقع في ” معدّل ” المرتبة بين 100 و 101..فهل هذا مقام يليق بمصر؟ وهل استبعاد القوى السياسية ذات القاعدة الشعبية الأكبر ،يجعل مصر في مرتبة أسوأ أم أفضل ؟ للأسف ،في السياسة العربية لا يجري الاعتراف بالقوى السياسية إلاّ إذا ” وافقت السير وراء السلطة الحاكمة وطأطأت رأسها”، وهذا هو التجسيد لمقولة الظلم مرتعه وخيم.
وإذا كان للإخوان عيوبهم التي تتذرع بها السلطة لمنع مشاركتهم، فمرة أخرى :من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر !
- باحث وأكاديمي أردني.
- (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).
زر الذهاب إلى الأعلى