بقلم : د.أنور الغربي*
ربما أعود على اختيارات السيد قيس سعيّد في علاقته بإدارك الدولة، خاصة أن جميع اختيارات الرجل تبيّن فشلها وبعدها عن الواقع ،ولا ندري، هل هي نتيجة قلة دراية ومعرفة الرجل بفن وعلم التسيير الذي هو”معرفة الرجال” ،أم شيء آخر لا نعرفه إلى اليوم .
لو اقتصرنا في هذه العجالة على أهم من يعتمد عليهم الرجل، لكتابة ما يقول إنه سيكون دستور لجمهوريته الجديدة ،فإننا نلاحظ التالي :
الرجل الأول، بلعيد تجاوز الثمانين من عمره، وهو غير قادر على التعبير بجملة عربية مفيدة اعتمادا على تصريحات له مؤخّرا، لأني لم أقرأ للرجل، ولا أعرف أفكاره سابقا، ولكن واضح أنه خليط من فكر فركفوني ،وتوجّه استئصالي لكل ما هو ثقافة وحضارة عربية واسلامية. هو كان قد عرض نفسه على الشعب سنة 2011 ،وجمع العشرات من الأصوات، وهو كان يحتاج عشرات الألآف للفوز بمقعد في البرلمان يومها، والذي لم يفلح بأن يكون من بين 217 برلماني لكتابة دستور للبلاد، لن يفلح في فرض رؤيته الآحاديّة على التونسيين .
يحاول السيد بودربالة ،الخلط بين صفته كعميد محامين حالي – ومازال أمامه أسابيع معدودة قبل انعقاد مؤتمر العمادة ، وسنرى حجمه الحقيقي – وبين آرائه الشخصية للتسويق للمشروع القاعدي لقيس سعيّد. في منظومة مؤسّسات وعدالة ، يحاكم بتهمة انتحال صفة وتحقيق منفعة باستعمال صفته ،وهو ما حصل مع رئيس حكومة جينيف سابقا إثر زيارته للإمارات منذ 5 سنوات خلت، ومن ثم حوكم بغرامة مالية كبيرة، وطرد من حزبه، بعدما تبيّن أنه تعمّد الضبابية وعدم الوضوح.
الرجل الثاني، هو السيد بن عيسى،الذي يقدّم في أكثر من مناسبة ،على أنه رئيس مكتب نائب الأمين العام للجامعة العربية في تونس ،بما يوحي أن ما يقوم به هو تحت غطاء الجامعة، وهو أمر مخالف تماما للواقع ،وهذا ما أكّدته لنا سكرتارية الجامعة ،ولازلنا ننتظر ردا رسميا حول الموقف من هذا السلوك الغريب في التسيير، وغياب الشفافية والتلبيس على الناس.
مؤخّرا، التحق بهم أحد الوزراء السابقين في حكومات الشاهد لسنوات 2017 و2018 ، والغريب أن الرجل الذي يتطاول على من خدموا البلاد في ظروف جد صعبة، كان قد وقع تصنيفه كأسوأ وزير من طرف وفد استثماري واقتصادي زار تونس في نوفمبر2017 ، وفي تقريره النهائي اعتبر الوفد أن جلسته مع الوزير المعني كانت مضيعة للوقت ،وأنه يستوجب الحديث مع رئيس الحكومة، أو انتظار تحوير وزاري لفهم استراتيجية الدولة في الملفات الكبرى.
البقية لا يحتاجون ان نتوقّف عند تاريخهم ، لأنه ببساطة لا نجد ما يمكن ذكره لا سلبا ولا إيجابا، عدا بعض التهريج الإعلامي والعنف اللفظي.
هل بمثل هؤلاء ،سيفرض قيس سعيّد على التونسيين دستورا وبرلمانا على مقاسه الشخصي ؟ فعلا صدق الشاعر في قوله ” لقد هزلت حتى بدا من هزالها …………. كلاها وحتى سامها كل مفلسِ”
ونسال الله حسن الخاتمة
* كاتب ومفكر تونسي، مقيم في جينيف ،مستشار أول سابق لدى رئيس الجمهورية التونسيّة
(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).