مقالات

لن تبيعونا وهما جديدا اسمه “محور القدس”


بقلم : جميل عبدالنبي

من الآخر، ما في محور للقدس إلا الفلسطينيين وأهل القدس، ما دون ذلك سراب يحسبه الظمآن ماءً.
قبل ما أكمل، أريد أن أقول شيئا يبدو غريبا، ولكني سأقوله:
{ شكراً حماس }.
لم أنكر يوماً اختلافي مع حماس، سياسيا وأيدلوجيا، ولازلت أؤمن بأن سياسة حماس خاطئة، قلت ذلك مرّات، ومرّات، وبرغم أنني لا أشتم، ولا أخوّن، وطبعاً لا أُكفّر أحداً، ليس لمجرد حسن أخلاق، وإنما لتجربة طويلة سابقة مع الأيدلوجيا، عرّفتني على أن التوجّهات الخاطئة لا تصدر بالضرورة عن الخيانة، إنما عن حرص شديد، لكنه مرتدٍ لشوّافات حزبية تحول دون رؤيته لباقي الصورة،،، الأيدلوجيا شوّافات يضعها المؤدلج حول عينيه، فلا يرى من الطريق سوى ما تسمح به وجهة الشوّافات، لذلك هو لا يرى كل الحقيقة، لكنه مخلص جداً لما يرى، ويظن ما يراه كل الحقيقة،،، من هنا تحديداً أنطلق دوماً من قاعدة رفضي لمبدأ التخوين، أو الشيطنة، فالناس ليسوا خونة، وليسوا شياطين، إنما مخطئون، والمخطئ الوطني ستظل تربطك به قواسم وطنية مشتركة، مهما ظننته خاطئاً، أو حتى مضراً بالمصلحة الوطنية.
المهم: وبرغم التزامي بعدم الشتم، او التخوين، أو الشيطنة، إلا أنني تعرّضت لبعض الإساءات، أو للكثير منها، ربما من مندفعين لا يحسنون تقييم لغة الخطاب، ولا صاحبه، إلا أن باقي الحقيقة تقول أن حمساويين كثر يتابعون صفحتي، ويرون ما لا يعجبهم، لكنهم يكتفون بالرد على الأفكار بمثلها، دون تطاول، وهذا بالنسبة لي مقبول جداً.
لكن لماذا شكراً حماس ؟
بصراحة، إن نار مشيطني حماس تبدو أرحم من جنة- بعض وليس كل- غيرهم، ومؤخّرا بدا ذلك واضحاً في أتباع ما يسمى بمحور المقاومة، الذي غيّر اسمه ليصبح محور القدس، برغم أنه مشغول في قتاله في كل الساحات سوى في القدس!!! لكن لا بأس، فطوال عمر القدس شمّاعة لكل الأراجيف، وحصان طروادة، يختبئ في داخلها كل من يريد أن ينفذ إلى مصالحه.
هناك محاولة الآن لتسويق وهم جديد على الفلسطينيين، بأن المحور قريباً سيكون في فلسطين، مزيلاً لإسرائيل،ومحرّرا للقدس، ونحن علينا أن نكّبر خلف بائعي الوهم، وإن تجرّأنا على مجرد فحص مقوّمات، أو مقدّمات هذا الادعاء، فنحن منافقون، مرجفون في المدينة، من الخوالف الذين لا يحتاجنا المحور!!!
للعلم فقط: الفلسطينيون يقاومون قبل أن يُخلق هذا المحور، وللعلم أيضاً جزء كبير من قيادات المحور تدرّبوا على أيد فلسطينية، وللعلم ثالثاً، فإن أقل دولة عربية قدّمت لفلسطين أضعاف أضعاف ما قدّمه المحور، الذي انحصر دعمه لجهات محدّدة، وفي اتجاهات محدّدة، بينما قدّم العرب لفلسطين كل ما عزّز بقاءهم، ومكّنهم من مواصلة الحياة هنا، وراجعوا إن شئتم لغة الأرقام، فنحن لسنا بحاجة إلى السلاح وحسب، نحن بحاجة إلى بيوت نسكنها، وطرقات نسير عليها، ومصانع يعمل فيها أبناؤنا، ولقمة عيش تقيت جوعانا، ومستشفيات تعالج مرضانا، وفي كل هذا لن تجد للمحور أي أثر، ولا اية مساهمة، بينما أقل دولة عربية لم تنفض يدها من واجبها تجاه فلسطين، وأنا أزعم أن العرب لا يمنعهم عن فلسطين إلا عدم القدرة، وليس عدم الرغبة، بينما من يصدع رؤسنا صباح مساء بقدرته على محو إسرائيل في أقل من أربع وعشرين ساعة يقاتل في ميادين كثيرة، ولكن ليس ميدان إسرائيل.
ادع لمحورك كما تشاء، وعش وهمك، وادعونا لأن نعيشه معك إن أردت، لكن إن لم يَرُقْ لنا وهمك فإياك أن تتجرّأ على وصفنا بالنفاق، أو الإرجاف في المدينة، لأننا نستطيع إن اردنا أن نكشف عنك غطاءك، وما منعنا عن ذلك إلا حرصنا على سلامة الوطن، ولأننا على الحقيقة نحن المقاومون الحقيقيون، الذي لم تشغلنا عن فلسطين أي قضية سواها، ولأننا لا نرى طريقاً للقدس تمر عبر غير القدس وفلسطين، وليس عبر عواصم عربية بعيدة كل البعد عن القدس.

*كاتب ومفكّر فلسطيني

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق