بقلم: حسن مدبولي
قد يكون التفسير الأهم لانزلاق الكاتب المصرى علاء الأسوانى وسقوطه فى فخاخ التطبيع ، هو أنه نظر حوله وتطّلع فرأى فيما يرى اليقظان أن أقصر طريق لتحقيق أحلامه فى العالمية والجوائز الدولية، هو الدخول من الباب الإسرائيلي…صحيح أنه حاول الدفاع عن تصرّفه بطريقة ذكية بالقول إن حواره مع إذاعة الجيش الإسرائيلي تم عبر وكيل أدبي ، إلا أن المسألة لا تحتاج أى مجهود للتأكّد من سقوط هذا الشخص ووقوعه أسيرا للطموحات الشخصية التى دفعته إلى بوابة العدو، وهناك سوابق متعددة لقامات أهم من علاء الأسوانى بمراحل لم تخجل من الدخول إلى هذا المضمار المشين، نظرا لما هو معلوم بالضرورة عن قدرة الصهاينة الفائقة على رفع مقام منافقيهم والمطبّعين معهم إلى أعلى المراتب حتى لو كانوا لا يستحقون، لكن الجدير بالذكر هنا أن البعض دخل متطوّعا أو منفّذا لأوامر سياسية حفاظا على موقعه أو نفوذه الحالى دون البحث عن منافع إضافية،فنجد أن شيخ الازهر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوى قد استقبل الأزهر الشريف فى عهده حاخاما صهيونيا ! كما أنه هو شخصيا استقبل الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز علنا وصافحه وزجر وتوعد منتقديه، بالإضافة لتأييده للعدوان الأمريكى ضد العراق عام 1991 ،واعتباره نصرا مؤزّرا للمصريين هو والفقيه( الحداثى) (المستنير) خالد محمد خالد الذى نادى بوش أيامها بعبارته الخالدة أرحنا بها يابوش !
لكن بوجه عام ، فإن الغالبية من المطبّعين لهم هدف رئيس، هو البحث عن الجوائز والمنافع المادية وتحقيق المزيد من النفوذ ،فيقال إن نجيب محفوظ مثلا نال جائزة نوبل فى الآداب، بسبب موقفه المؤيّد لكامب ديفيد، ولقاءاته المتكرّرة مع مثقفين صهاينة ،وادعائه وقتها بأنهم مؤيّدون للقضايا الفلسطينية،وزعمه بأن المستشار الثقافى الصهيونى كان يحضر جلساته دون إذن، كما إنه كنجيب محفوظ لم يذهب إليه أبدا فى مقر عمله !
كذلك العالم الكبير أحمد زويل قيل إنه كان مولعا بالتطبيع مع ” إسرائيل”، وألقى محاضرات في جامعاتها، وأعد أبحاثا مشتركة مع خبراء في الجيش الاسرائيلي لتطوير منظومة الصواريخ باستخدام الليزر، الأمر الذي أهّله للفوز بجائزة “وولف برايز″ الاسرئيلية عام 1993، وسلّمها له الرئيس الإسرائيلي حاييم وايزمان في الكنيست، ويعتبر الحصول على هذه الجائزة العلمية، هو الحدث الأضخم في” إسرائيل”، والتى تُعدّ البوابة الرئيسة للحصول على جائزة “نوبل”،
أما الملياردير نجيب ساويرس ،الذى لم يعرف عنه أى موقف مؤيّد للحقوق الفلسطينية( متخصّص فى حقوق جنوب السودان) ، فقد كان له السبق فى التطبيع عبر مهرجان الجونة السينمائى أكثر من مرة،بدأت بتكريم المخرج اللبناني المطبّع مع الصهاينة المدعو زياد دويري ،ثم تطوّرت المسألة فى عام 2019 ،عندما استقبل المهرجان الإعلامى الإسرائيلي المدعو شادى بلان ،حيث ساهمت فعاليات المهرجان فى عمليات التطبيع بين ذلك الإعلامي الإسرائيلي والعديد من الفنانين المصريين، أما في عام 2020، فقد قام المهرجان بتكريم الممثل الفرنسي العاشق للكيان الصهيوني السيد جيرارد ديبارديو ، وذلك سعيا لشراء العالمية دونما أي التفات للاحتجاجات الوطنية التى انتقدت ذلك التكريم المشبوه !؟
نفس الأمر بالنسبة للسيد حسن مصطفى الذى كان رئيسا للاتحاد المصرى لكرة اليد و عضو الاتحاد الدولي لكرة اليد، عندما فاجأ المصريين بحدث رياضى غير عادي وقع بالتحديد فى يوم 23 مارس عام 1992 م ،حيث التقى المنتخب الوطني لكرة اليد بالمنتخب الإسرائيلى في بطولة كأس العالم لكرة اليد في النمسا، وكانت هذه أول مواجهة رياضية فعلية بين مصر وإسرائيل، وقد رفض لاعبو المنتخب المصري آنذاك الوقوف للسلام الوطني الإسرائيلي، بل إن أحد اللاعبين المصريين وقف بقدميه على العلم الإسرائيلي داخل الملع، لكن اللاعبين تلقّوا توبيخا ولوما وعقابا رادعا من رئيس الاتحاد المصرى، الذى سارع بتصحيح الأمر والتاكيد على المضى فى قطار التطبيع العلنى، وذلك بقبوله كرئيس للإتحاد المصرى بالمشاركة فى مباراة ( ودية ) ضد الفريق الصهيونى أقيمت فى هولندا عام 1995،و حينها تم إرغام اللاعبين المصريين على اللقاء ( الودّي) مع الصهاينة في مباراة تحوّلت إلى معركة حربيّة وأصيب فيها خمسة لاعبين إسرائيليين ،وتم عقاب المزيد من اللاعبين الرافضين للتطبيع والإطاحة بهم من المنتخبات، وبعضهم تم إجباره على الاعتزال ؟
وكما هو معروف فقد تم انتخاب السيد حسن مصطفى رئيسا للاتحاد الدولي لكرة اليد عام 2000 ،وهو مستمر حتى الآن ؟
حتى (الأسطورة) محمد صلاح ،وعلى العكس من موقف زميله اللاعب أحمد حسن الذى رفض السفر مع فريقه البلجيكي للأراضي الفلسطينية المحتلة، فقد بدأ محمد صلاح حياته الاحترافية بالسفر واللعب ضد الصهاينة، عندما كان محترفا بفريق بازل السويسري بحجة احترام قوانين الاحتراف !
ويبدو أن علاء الأسوانى قد درس كل تلك النماذج بعمق شديد وتملّكه الإعجاب والانبهار والشبق ، وبالتالى قرّر حمل الراية مستكملا طريق رفاقه والمضي بها قدما إلى الباب الملكى للمجد بعيدا عن الصخب المحلي !
بقيت كلمة أخيرة، وهى لماذا يشنّ الإعلام الرسمى حملة تشويه ونقد لعلاء الأسوانى بتهمة التطبيع ؟ الإجابة بسيطة، لأنه طبّع مع العدو دونما تشاور رسمى ( كتوفيق عكاشة ) ، كما إنه لا يزال متباعدا عن النظام ،ولم يشارك فى حواره حتى الآن، والأمر برمّته مجرد عملية لفت نظر، سرعان ما سيتفهّمها علاء الأسوانى كما تفهمها خالد يوسف !
- كاتب مصري
- (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).
زر الذهاب إلى الأعلى