مصطفى الصواف
رعد الصيف أحدّ من السيف، لم يحتج الشهيد رعد كثيرا من كلام ، ولم يتحدّث مع أحد إلا نفسه، امتشق سلاحه، وشقّ طريقه نحو هدفه، ونفّذ عمليته البطولية، والتي وقعت في تل ابيب، وترك المكان بعد أن جعله خرابا نفسيا وجسديا ليقول للجميع : دماؤنا دون الأقصى.
هل فهم العدو ذلك؟، هل فهم الإقليم ذلك؟ هل فهم الغرب وأميريكا ذلك؟،نحن الفلسطينيون قلنا ذلك قولا وعملا وبشكل حازم ،كما أكّدها حازم الليلة الماضية في وسط تل ابيب.
هذا إيماننا، وهذه عقيدتنا، ندافع عن الأقصى ليس بالضرورة في ساحات الأقصى ، ولكن حيث المكان الذي يوصل الرسالة.
عملية رعد كانت ردّا طبيعيا على ممارسات الاحتلال وجرمه وقتله ومضايقاته ومصادراته ، وهو الرد الطبيعي الذي يقوم به كل حرّ ، وهي دعوة للأحرار للقيام بمثل هذه الردود حتى يفهم الاحتلال، أن هذه فلسطين، وهي للشعب الفلسطيني، وتحريرها واجب على الجميع ، فهل فهم الاحتلال الدرس؟، إذا لم يفهم العدو الدرس من عملية رعد، سوف يفهمها من العملية القادمة، أو ما يليها من عمليات قادمة،قد تكون في تل أبيب أو في جوارها، أو في حيفا أو حولها ،هكذا أصبح الأمن الشخصي مفقودا، على الرغم من كل ما يقوم به الاحتلال من تجنيد وحشيد وتسليح، وكاسر للأمواج، والأسوار الواقية، إلا أن المقاومين يمرحون ويسرحون، ويطلقون النار ،ويقتلون ويصيبون، يزرعون الرعب والخوف والهلع في نفوس المستوطنين.
عملية تتبعها عملية، والمنفّذون غير آبهين بما يقوم به الاحتلال، استبدلوا السكين بالرشاش،وحوّلوا الأنظار من هنا إلى هناك، ونفّذوا ما خطّطوا له دون خوف من موت أو اعتقال، جرأة لم تكن في حسبان الاحتلال ، وطريقة عمل، باتت القاعدة التي يسير عليها المجاهدون ، في عقر دارهم واليوم في شارع اقتصادهم(ديزنكوف)، وباتوا في حيرة من أمرهم، لدرجة أنهم قتلوا أنفسهم حسب إعلامهم بأن الشرطة أطلقت النار على مستوطن بدعوى أنه منفّذ العملية وهو يهرول حاملا سلاحه، باتوا في حيص بيص لا يدرون ماذا يفعلون ، يجرون ولا يدرون أين ، اختلط حابلهم بنابلهم وفقدوا وعيهم من هول الحدث.
عملية تل أبيب، قطعت الطريق على الوفد الأمني المصري قبل الوصول، وكأنها رسالة تقول للجميع: نحن أصحاب القرار ومنفّذوه، وَفّروا على أنفسكم عناء السفر، ولا داعي للحضور، فنحن من يضع حدا للفجور، وإرهاب المحتلين اليهود، فلا داعي للوجود.
عملية بطولية فاقت تصوّر الجميع ، بعد أن ظنّوا أنهم أقوياء، وأن قوّتهم مانعتهم من الموت ، وإذا بالموت يسير بينهم ويحصد منهم، وهم ينظرون، ولا يملكون إلا الهروب ، يا لها من حقيقة لم يدركها بعد اليهود المحتلون ، والسؤال هل فات الأوان ،؟ أم لا زال أمامهم متسع من الوقت للهروب وترك الأرض لأهلها وأصحابها الحقيقيين، يا لها من حقيقة لم يدركوها بعد.
- (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).
زر الذهاب إلى الأعلى