بقلم: عثمان لحياني *
تبقى زيارة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبّون إلى القاهرة، خطوة لاستكشاف طبيعة الموقف المصري ،بشأن عدد من الملفات التي تهمّ الجزائر، ومحاولة لتضييق المسافة السياسية ،اتكاءً على محطات تاريخية مشتركة، ولكن الزيارة كشفت الملاحظات التاليّة:
1_خلال الإيجاز الصحفي، رفض الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الحديث ولو على سبيل الاشارة إلى مبادرة الجزائر، لعقد لقاء للفصائل الفلسطينية، وحتى في البيان المشترك الذي صدر بعد الزيارة، تضمّن “ثناءً” جزائريا على جهود مصر لتحقيق المصالحة الفلسطينية، في مقابل “ترحيب” بجهد جزائري في نفس الإطار، بشكل غير متناسب. ويفهم من ذلك سياسيا، أن القاهرة منزعجة أو غير مسرورة من مبادرة احتضان الجزائر ، لكونها تعدّ الملف خصوصيّة مصرية.
2-في ملف مكافحة الارهاب، أورد السيسي قوله إنه يجب مكافحة كل الجماعات دون “استثناء أو تفرقة”، و الرسالة في هذا السياق موجّهة إلى الجزائر التي ترفض- لاعتبارات محليّة- تصنيف تيار ” الاخوان ” كتنظيم إرهابي ، وفقا للمقاربة المصرية التي تبنّتها دول عربية أخرى، وأذكر أن الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة،أبلغ رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في يوليو 2014( الحوار منشور في جريدة الخبر)،أن السيسي الذي كان زار الجزائر شهر قبل ذلك ، نقل اليه رسالة من محمد بن زايد لدعم تصنيف الاخوان كتنظيم ارهابي، لكن بوتفليقة أخبره باستحالة ذلك، وبأن” إخواننا غير إخوانكم “.
3_ على الرغم من التوافق المعلن في الملف الليبي، إلاّ أن الجميع يدرك أن المسافة متباعدة جدا بين الجزائر والقاهرة في تصوّرات الحل السياسي، إذ مايزال موقف الجزائر يتأسّس على بعد أمني والقابلية لمشاركة كل الأطراف الليبية، بما فيها الطيف الاسلامي في الحل، فيما القاهرة تريد أن تكون شريكة في هندسة الخيارات في ليبيا، وترفع فيتو ضد طيف سياسي معيّن.
4_ أُخْرجت الأزمة في تونس من النقاش العلني والبيان المشترك، على الرغم من انها كانت موضوع مباحثات خلال الزيارة الاخيرة لوزير الخارجية رمضان لعمامرة إلى القاهرة، إذ كان المتحدّث باسم الخارجية المصرية قد قال إن كلا من الجزائر ومصر تدعمان الرئيس قيس سعيّد، ضمن ما وصفه البيان المشترك باستعادة “الدولة الوطنية”.
5_ ملف الازمة مع المغرب، أخرج أيضا من النقاش العلني، لكن هذا لا ينفي ان يكون الموضوع قد طرح خلال المباحثات، فمصر تحترم رفض الجزائر لأية وساطة، لكنها ترى أنه خيار دبلوماسي ممكن، كما لم تطرح الازمة في اليمن تجنّبا لردود فعل من أبوظبي والرياض.
6_تردّد خلال المؤتمر الصحفي حديث عن حقوق مصر المائيّة، إذ تريد مصر إقحام الجزائر في الملف ،ودفعها إلى إسنادها في معركة الدفاع عن أمنها المائي، داخل الاتحاد الإفريقي، مع أن الجزائر لا تملك عمليا خيوطا عملية ، وحظوظها في حلحلة ملف سد النهضة ضئيلة جدا، ولعلّ هذا المسار مرتبط بمسار دفع ” إسرائيل” خارج الاتحاد الأفريقي في قمة شباط/ فبراير المقبل.
*يمكن الانتباه إلى أن السيسي طار مباشرة اليوم الاربعاء إلى الامارات في سياق لا ينفصل عن زيارة الرئيس الجزائري إلى القاهرة، لنقل الرسائل الجزائرية.
زر الذهاب إلى الأعلى