بقلم : حسام الدلكي *
في الذكرى السابعة والخمسين لانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وبينما قوى المقاومة الباسلة في غزّة، تقوم بمناورة زلزلت أركان العدو الصهيوني بإمكانيّاتها المتطوّرة ( توازن الرعب )،وبينما بلدة( برقة )في الضفة الغربيّة، تتعرّض لعدوان مسعور من قطّاع الطرق الدخلاء المستوطنين الصهاينة ،وفي ظل حرب الأمعاء الخاوية ،التي يخوضها أسرانا الأبطال داخل زنازين العدو الصهيوني، احتفل أبورغال محمود عبّاس ،على طريقتة الخاصة بانطلاقة الثورة (فتح )،حيث انطلق متسلّلا تحت جنح الظلام مع مجموعة من زبانيته ( ظلما يسمّى رئيس فتح ،وهو لم يحمل حتى سكين مطبخ في حياته ).. انطلق قاصدا منزل وزير الحرب الصهيوني، وهو بالتاكيد منزل مسروق من عائلة فلسطينية شرّدت عام 1948…اجتمع. عباس مع سيّده وزير الحرب الصهيوني ،وعاد ومعه هدية زجاجة زيت زيتون مسروقة من أرض فلسطين.
ختم عباس زيارته بالتصريح التالي :
لا أنوي تغيير سياسة السلطة الفلسطينية في محاربة “الإرهاب” ، حتى لو وضعوا مسدسا في رأسي ! هنا أقول : لقد حسم أبو رغال عباس أمره، وفضّل أن يموت على أيدي ومسدسات المقاومه الشريفة، على أن يموت شريفا على أيدي الصهاينة.
لاحقا ،وصفت عملية عباس بالعملية الجريئة ، حسب وصف المطبّع العنيد الناطق باسم حركة عباس في أوروبا ، حيث معروف عن هذا الأخير ،تفوّقه على شبيهه وقدوته (أفيخاي أدرعي ) في ذمّ ومهاجمة وتشويه المقاومة … لقد كانت فعلا فتح ، عندما حمل الرجال البنادق وقطعوا نهر الأردن متمرّدين على الواقع والذل ، لكنها أصبحت بفضل الناطق باسمها في اوروبا وأمثاله من المنتفعين ، تسمّى فتحية للأسف بدل فتح التي عرفناها ..… تصريحه واضح ،ولا يحتاج لذكاء أحد،لكيّ يشرحه،والآن أقول كناشط فلسطيني في أوروبا للجاليات الفلسطينية فيها : أما آن الأوان أن تأخذوا زمام المبادرة،وتسحبوا البساط من تحت أقدام من يدّعوا تمثيلكم ظلما ! أما آن تستيقظ ضمائركم،فمم تخافون وتخشون ؟ معظمكم له وظائف ومواقع مرموقة …فقط قلة من المأجورين هنا ،يستفيدون من صرّاف عباس الآلي، وليس لهم قيمة حقيقية في الجاليات هنا ، أما بقيّة قيادات الجاليات التي أعرفها، فمعظمهم ذو شأن عظيم اجتماعيا. وأكاديميًا. ووضع مريح. في المانيا ،فمم الخوف ؟ وبما أننا في نهاية العام ، فلنعمل جردة حساب قد تكون تأخّرت كثيرا ،ونسأل أنفسنا ،ونحن حوالي مليون فلسطيني في أوروبا ،ماذا أنجزنا على طريق تحرير فلسطين، ونحن هنا منذ نصف قرن كجاليات ؟ دعونا من مهرجانات الدبكة والفلافل وهزّ الخصر بكوفيّة … بما أننا لم نفلح حتى الآن أن نكوّن لوبيّا عربيّا فلسطينيا ضاغطا على سياسات الدول الغربية، فلماذا لا نكوّن لوبيّا فلسطينيّا ضاغطا على ما تبقى من بقايا عظام منظمة التحرير ،وعلى صنّاع القرار الفلسطيني ؟ نحن جزء مهم وهام جدا كمقيمين في أوروبا، لكننا مهمّشون دون اعتبار ممن هم ظلما صنّاع القرار الفلسطيني، ومعظمنا يحمل جنسيات أوربيّة… لماذا نترك حسين الشيخ ،وأبو رغال عباس،وماجد فرج وغيرهم ،يستأثرون بالقرار السياسي،وغالبا ما يكون لخدمة العدو ؟.لجماعة أبو رغال أوكار فساد و تصريف عملة وبرنس، اسمها المفترض سفارات، هدفها تبرير عمالة فريق رام الله باسم الواقعية السياسية ؟…لماذا لا تضغط الجاليات هنا على هذه السفارات ليصل الصوت عاليًا بأننا فلسطينيون لاجئون، وليس من حقّكم التفريط بحقوقنا، ولا حتى تمثيلنا ؟ لقد عثتم فسادا وإفسادا بالقرار السياسي لمصلحة العدو ،وعثتم تخريبا بعقول الشعب ، ولعبتم بمواريثه الكفاحية الثوريّة، التي اكتسبها على مدار عقود من المقاومة ، ليصبح يغنيّ بدل طّل سلاحي من جراحي ياثورتنا، أصبح يغني : إزرع تفاح ، إزرع سلام ،ويقيم مهرجانات للرقص في رام الله، بينما غزة المقاومة تتضوّر جوعاً ؟ أعتقد وكلامي موجّه لكل الجاليات وبكل أطيافها، بدل الجري غير المجدي وراء رضى سفارات عباس، ووراء مناصب ( حرام كالمال الحرام ) لن تحصلوا عليها كأعضاء مجلس وطني وغيرها من الوعود الكاذبة ( عصا وجزره) ؟ نحن الجاليات مهمّشون ممن يسيطرون على القرار الفلسطيني حتى مخيمات اللجوء في لبنان والأردن وسوريا تركت لمصيرها بعد توقيع (سلام الشجعان ) .
لقد فعل أوسلو ما فعل في إعادة صياغة الوعي الوطني، وبث روح التطبيع والاستسلام والخنوع والأنانية وقبول الهزيمة،فلاحظوا أن مظاهرة تنديد لم تخرج في أي من المخيّمات، وحتى هنا في أكبر مخيّمات الفلسطينيين في أوروبا وأقصد ألمانيا، لم أسمع عن بيان نشرته جالية تدين ما فعلة عباس، أو حتى القيام بوقفة أمام سفارة عباس، وكأن الأمر لا يعنينا؟ إنني أكتب بمرارة، فمعيب ما يحدث… معيب الصمت…آن الآوان أن نعيد صياغة مفهوم الجاليات لتخرج من إطار السفارات ( ورضاها )،ولتخرج من دائرة حفلات الفلافل وهز ّالخصر بكوفية ،ولتخرج الجاليات من الأسطوانة المشروخة عن خدمة الجاليات، وليس صنع الخلاف و المشاكل ( أسمع هذه الجملة بعد كل مقال أكتبه) ،وكأن المسالة الوطنيّة لا تهمّنا ،وانتهت وتحرّرت فلسطين ! لابد من إعادة صياغة وطنيّة تسقط ثقافة الاستسلام والخنوع التي زرعها اتفاق أوسلو ، يكون عنوانها: أن القابعين في رام الله ،لا يمثّلوننا، وبرنامجنا فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر ،والجاليات تستطيع أخذ قرار ،وتستطيع صنع قرار،وفيها كما أسلفت نخبة من الرجال الأكاديميين، ومنهم أصحاب تاريخ نضالي عريق …معيب ان ننتظر من يصنع لنا قرارنا ومصيرنا ( مصير شعب ). أعتقد أننا نستطيع تغيير الواقع إذا وجدت نوايا صادقة،وإذا استطعنا تجاوز الماضي وتشوّهاته الماضي ، وإعادة قراءة التجربة بمجملها بشكل نقدي،فليس رمزا من يلغي الميثاق الوطني، ويأخذ العدو بالإحضان ..وليس رئيسا لفلسطين أرض الشهداء، من يجاهر بعلاقته مع العدو الصهيوني ،ويجرّد شعبه حتى من سكين المطبخ ،بينما عدونا يقصف غزّة بالطائرات .. لا بد من إعادة الوعي الوطني الحقيقي ، الذي تآكل بفعل أوسلو ..وعي أساسه فلسطين التاريخية، ولا خط أحمر سوى فلسطين التاريخية .. من هنا نستطيع صياغة بداية حقيقية ،وهنا حجر الزاوية ، وهنا الأرض الصلبة في تشكيل لوبي حقيقي فاعل وضاغط.
- ناشط سياسي فلسطيني مقيم في أوروبا.
- (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).
زر الذهاب إلى الأعلى