بقلم: باسم سكجها
في اليوم التالي لتعيين جورج قرداحي، قبل نحو شهر، كتبت مقالة، هنا، حملت عنوان :”رصاصات وحكومة قرداحي!”، ورويت موقفاً شخصياً كان منه تجاهي، وفي آخر المقالة كتبتُ بالنصّ :
أنا أسمّي الحكومة اللبنانية الجديدة، بأنّها حكومة جورج قرداحي، ليس انتقاصاً من رئيسها، وتشكيلتها، ولكن لأنّني واثق بأنّ الحكومة التي أتت بهذا الرجل الصادق وزيراً للإعلام، تعرف أنّ الرأي العام هو الأهمّ، وأنّ الشعب هو المُراد، وأنّ لبنان لا يمكن أن يكون كما كان إلاّ بهؤلاء الذين يمثلهم قرداحي!
لا أقول إنّ “الرجل كسر عصاته من أوّل غزواته”، ولا أقول إنّ غيره كسروا عصاته،ولكنّني أتحدّث عن المساحة الفاصلة بين موقف الوزير في موقعه، وبين طبيعته وتفاصيل شخصيته، لأنّ الأزمة الحقيقية التي صنعتها كلماته الصريحة، مع دول تعتمدها بلاده عنصراً أساسياً في الدعم، كان يمكن قبولها وهو إعلامي، ولكنّ وجوده وزيراً جعل لكلماته وقعاً آخر مختلفاً.
لستُ أكتب عن مواقف قرداحي الشخصية، وهي معلنة، خصوصاً بالنسبة لسوريا واليمن وفلسطين، وأنا معه فيها بكلّ صراحة، ولكنّني أكتب عن أنّ علاقات الدول مختلفة، وتتشابك فيها، وتختلط معها، أمور سريّة وأخرى معلنة، وربّما، أقول: ربّما، كان عليه أن يفصل بين رأيه الشخصي ومصلحة الدولة…
لبنان لا يعيش أحسن أحواله، بل أكثرها سوءاً في تاريخه الحديث، وفي الوقت الذي أتى رئيس الحكومة الجديد، بالرجل المحترم،لتحسين صورته أمام الرأي العام، وجد نفسه أمام قنبلة موقوتة، ولم تنتظر كثيراً لتنفجر، فلم يكن ميقاتي مع “ستّي بخير ولا مع سيدي بخير”، كما يقول اللبنانيون، وكان ما كان…
في مختلف التقديرات، فإنّ الزميل جورج قرداحي سيقال أو يستقيل، فلا يمكن للبنان أن يعيش بعيداً عن قبول ورضا السعودية والكويت والبحرين، وغيرها، وبالقدر الذي استقبلت فيه تعيينه من فرح، فإنّني أودّعه بحزن على أنّ العالم السياسي لا يقبل، ولا يمكن أن يتعايش مع صدق إعلامي، وقد صار سياسياً، وللحديث بقية!
* كاتب أردني
(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)
زر الذهاب إلى الأعلى