مقالات

محمود حسين هو معضلة الإخوان المصريين واستبشار الغالبيّة بإجراءات إبراهيم منير

بقلم: عصام تليمة

على مدار أيام مضت، وأيام ستأتي، تدور أحداث بداخل الإخوان المسلمين،تنبّ ئ عن حراك تنظيمي داخلي ،يتعلّق بحلحلة حال الجماعة، وتحوّلها من حالة التكلّس الشديد التي أصابتها، إلى حالة أكثر نشاطا وتغييرا، ولكن فوجئ الجميع بأخبار وأخبار مضادة، فقرار من الأستاذ إبراهيم منير،نائب المرشد العام للإخوان بتحويل ستة أفراد من القيادات ،على رأسهم الدكتور محمود حسين، ثم محاولة انقلاب هذه المجموعة عليه، بعقد اجتماع للشورى لعزله، وما صدر قبله من قرار لمنير، بأنهم أصبحوا خارجين عن الإخوان.
هذه مجمل الأحداث في بضعة أيام، وربما لا يستوعب المشاهد للأحداث هذا التسارع، ولماذا؟ ملخّص التطوّرات في الإخوان، أن هناك فئة من الإخوان، يرأسها محمود حسين، وفئة محدودة جدا حوله، اختطفوا الجماعة ومؤسّساتها، ولا تقبل أن تعمل الجماعة بشكل مؤسّسي شوري، لا تقبل بأي انتخابات، ولا تقبل بأي عمل تخصّصي، ولا شوري، ولا علمي منهجي، فقط من يتفق مع حسين وأفكاره، ويكون جنديا خاضعا له ولمجموعته.
وأصبحت هذه المجموعة كذلك ،عقبة كؤود أمام أي جهد يقوم في الجماعة للعودة بلحمتها جسدا واحدا، فمبادرة الشيخ القرضاوي للإصلاح تم رفضها، ومبادرة برلمانييّ الإخوان أيضا تم رفضها، ومبادرة تحالف دعم الشرعية تم رفضها، وكل محاولة للمّ شمل الإخوان تم رفضها، بلا أي سبب مقنع، والشخص الوحيد الذي يرفض كان: محمود حسين، ثم من بعده مجموعة محدودة حوله.
وعندما أرسل المرشد من السجن، رسالة لحسين بالعمل على لم شمل الجماعة، أهمل الرسالة، ثم وصلت لإبراهيم منير، وحاول العمل عليها، ولكن منع محمود حسين العمل بها، بحجة أن القائم بالأعمال دكتور محمود عزت يرفض، ثم اعتقل عزّت فك الله أسره، وآل الأمر لمنير، وأصبح قائما بالأعمال، وطلب حلّ هذا الموضوع، وتم تشكيل لجنة، ولكن عرقلها أيضا حسين.
ثم غلا مرجل الجماعة، بضرورة عمل انتخابات، وتمّت الانتخابات بالفعل بعد أخذ ورد، وجاءت بغير ما يهوى حسين ومجموعته،فقد جاءت بتصويت عقابي كامل ضد مجموعته، فلم يسلّموا بالنتيجة، وسعوا لذلك بكثرة الطعون الشكلية، ثم رفض رابطة الإخوان المسلمين، ومسؤولها من مجموعة حسين، وأحد المحوّلين للتحقيق والعزل، وهو د. محمد عبد الوهاب.
وبدأ صفّ الإخوان في تركيا يتململ من هذه التصرّفات، ويقف في ظهر منير وإجراءاته، ويبدي سخطه لما تقوم به مجموعة حسين، كما انضم لصف الإخوان في تركيا، قيادات كبرى مصرية من معظم الأقطار، كانت قد أقصيت من حسين ومجموعته، كل هؤلاء تجمّعوا على هدف واحد: لمّ شمل الجماعة، وإنهاء حالة التشرذم التي تسبّبت فيها هذه المجموعة، أيّا كانت الإجراءات، وأيّا كانت حدّتها وشدّتها، دون تراجع عنها.
ماذا ستسفر عنه الأيام القادمة في الإخوان؟…أعتقد أن الإجابة في صراع الإخوان حاليا، يعتمد بشكل كبير جدا على ثقل الفريقين في اسطنبول، فالصراع لا يحسمه حساب على الفيس بوك، أو صفحة على الإنترنت، وإلا لكان إلى الآن من يقود الجماعة جبهة المكتب العام،فقد كانت كل المواقع معها، وكانت الاكثر حضورا في الإعلام، وكان لديها عدد كبير جدا من المؤيّدين على مستوى الصف، وعلى مستوى القطر المصري والتركي، ومع ذلك، لم تحسم الأمر، لأسباب ليس مكانها هنا.
قصدت بكلامي، أن امتلاك محمود حسين ومجموعته لحساب أو موقع، لن يحسم لها معركتها، بل يحسم لأي طرف من الطرفين كما ذكرت: إخوان اسطنبول بكل مكوّناتها ومؤسساتها، شئنا أم أبينا الآن اسطنبول هي رأس الحربة في كل أداء الإخوان، فمنذ خروج القيادات من قطر، وإتيان الجميع لتركيا، وإغلاق دول كالسودان أمام الإخوان، وبقية الدول الأخرى التي بدأت في التضييق على الجماعة، أصبحت تركيا هي مركز الثقل لكل القيادات والأفراد، والمؤسسات الإخوانية.
ومعظم اسطنبول،ضد ما قام به محمود حسين لسنوات طويلة، حتى من كانوا مقرّبين منه، ويرون عدم معارضته من باب سنه، صارت لديهم قناعة، بأنه سبب كبير في تعطيل كل مصالح الجماعة العامة، لصالح مصالح ضيّقة له ،ولفئة محدودة حوله، فمؤسّسات اسطنبول الإخوانية كلها، ستكون مع إبراهيم منير وقراراته.
أعتقد أن الأمر سيأخذ بعض الوقت، لكنه لن يطول، وسيكون محسوما بشكل كبير لإبراهيم منير، حيث إن قراراته كانت ملبّية لرغبة الشريحة الكبرى من الإخوان، وسوف تنبّئ الأيام القادمة ، عن كم التأييد لهذه الإجراءات، سواء على المستوى التنظيمي والجماعي، أو على المستوى العام من متابعي الشأن العام الإخواني وغيره، فمعظم هؤلاء يستبشرون بإجراءات منير، أملا في إحداث تغيير في الإخوان، ولو بلمّ شمل الصف، ثم بعد ذلك ، التفكير في تجديد لوائحها، وأنشطتها، فلا شك أن كيان كبير كالإخوان ،مهم جدا في العمل السياسي والديني والوطني عودته في حالة صحية، كما كان معهودا من قبل.

*باحث إسلامي مصري

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق