بقلم : محمد البقّالي
دعك من السياسة ،فحساباتها صغيرة ،وتافهة أحيانا،لكن معادن الأشخاص ،تعرف عند المواقف!
وقد شهدت واحدا من هذه المواقف ،مع الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي ،الذي يتعرّض هذه الأيام لحملة تخوين وشيطنة!
في عام 2016خرجنا على نفس الزروق من اليونان إلى غزة، في رحلة مفتوحة على كل المخاطر .
كنا سبعة عشر شخصا، معظمهم غربيون ،وكان المنصف المرزوقي أكبرنا سنا. ( كان حينها في الحادية والسبعين ).
لم يحل سن الرجل المتقدّم، ولا موقعه رئيسا سابقا لبلد عربي، دون المشاركة في رحلة كسر الحصار على غزة ،رغم أنه يدرك حجم المخاطر التي تحيط بها.
علمت منه ،أنه فعل ذلك في سياق ممارسة قناعاته ،التي دافع عنها قولا وكتابة،وركوبا للبحر عندما اقتضى الأمر.
لم تكن الرحلة سهلة على الإطلاق.كانت أشبه ما تكون برحلات الهجرة السرية، فالباخرة التي أقلّتنا تشبه زوارق الصيد التقليدي ،تترنّح طيلة الوقت ،وإذا علت الأمواج كادت تنقلب.
في الليل ،كان كل منا يفرش اسفنجة ،وينام عليها.…كل شيء كان في حده الأدنى!
وحدث ،أن هزّت موجة عاتية الزورق ليلا،ولسبب ما ،لم ينقلب الزورق، لكن نحن من انقلبنا داخله، واستيقظنا بين مرتطم بالجدار ،ومصطدم برفيقه!
خمسة أيام وأربع ليال،عرفت فيها أيضا أن شيطنة شخص ما وتشويهه، لا يحتاج إلى أكثر من إطلاق كذبة ،ستجد من يصدّقها وينشرها !…حدث ذلك مرّتين على ظهر السفينة،ولم نعلم به إلا بعد عودتنا.
مرة أولى ،حين اتّهم بأنه ترك مدينة سوسة، وقد تعرّضت لعملية إرهابية،دون أن يجشّم نفسه عناء مواساة أهلها ،وذهب إلى غزة.
والحال أن العملية الإرهابية وقعت ،ونحن في عرض البحر في اليوم الثاني للرحلة.وقد علم المرزوقي بها مني، لأن الجميع كان مقطوعا عن العالم الخارجي، لولا جهاز” ثريا “مرتبط بالأقمار الصناعية كان معي .
ومرة ثانيّة، عندما اتّهم بأنه استعمل جواز سفر فرنسي، عندما تدخّل الجيش الإسرائيلي للسيطرة على السفينة بالقوة،بينما كنت شاهدا على على ما حدث، فقد كنّا جنب بعض ،عندما تدخّل الجيش الإسرائيلي. وشهدت بأم عيني أن الرجل قدم جواز سفر تونسي.
لست معنيا بحسابات السياسة الداخلية التونسية ،والصراع على السلطة إلا في حدود الدفاع عن قيم الديموقراطية والحرية ،ولكنها شهادة حق وجب قولها!
إعلامي مغربي
- (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)