مقالات

مفتي عُمان ظاهرة تستحق الاحترام

عيسى خيري الجعبري*

مفتي سلطنة عُمان، الشيخ (أحمد بن حمد الخليلي) حفظه الله،ظاهرة تستحق الوقوف عندها، إذ رغم أن النظام الحاكم في عُمان،لا يختلف عن بقية الأنظمة العربية، من حيث هيكليته وارتباطاته بالغرب ،وتطبيعه مع الاحتلال، إلا أن المفتي يملك شخصية مستقلة تظهر في المواقف السياسية التي يُعبّر عنها، والتي كان آخرها ، إشادته بنجاح عملية تحرير عدد من الأسرى أنفسهم من سجون الاحتلال.
ومواقفه الإيجابية متكرّرة، منها ترحيبه بتحرير أفغانستان من الاحتلال الأمريكي مؤخّرا، وقبلها إشادته بصمود المقاومة الفلسطينية في المواجهة الأخيرة مع الاحتلال، وتغريداته (غير المباشرة) لانتقاد من يطبّعون مع الاحتلال، رغم أن (عُمان) منهم، إذ نشر يقول في تغريدة له: “ظهرت في الأمة ظاهرة سلبية جديدة، وهي التودّد إلى العدو الذي أمرنا الله تعالى بعداوته، والتباهي بذلك من غير استحياء ولا استخفاء، وقد تسارع إلى هذا بعض رموز الأمة، الذين كنا نعدّهم لها أوتادًا وقلاعًا، فإذا بهم يتخلّون عن ماضيهم المشرق، ويرفعون من الشعارات ما يقرّبهم زلفى إلى ساداتهم”، وكذلك اهتمامه بقضايا المسلمين عمومًا، وهو ما يظهر من مواقفه المعلنة، كل ذلك يجعله مختلفًا عن غيره ممن يتبوّؤون منصف الإفتاء في دولنا العربية – باستثناء مفتي ليبيا فهو حالة خاصة –.
وقد لاحظت من استعراض صفحة الشيخ (الخليلي) على (تويتر)،أنها تخلو من أي إشادة أو تمجيد برموز النظام الحاكم في بلاده! وهي فضيلة أخرى تحسب لسماحته.
البعض يتّخذ موقفًا من (مفتي عمان)،يشطب فيه كل هذه المواقف بسبب انتمائه للمذهب الأباضي، وهو لا شك مذهب بدعيّ مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة،ولكنه يبقى – رغم ذلك – داخل الإطار الإسلامي العام، وبالتالي ينطبق عليه ما ينطبق على غيره من المسلمين، الذين وصفهم الله تعالى بأنهم (خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا) ثم قال – جل في علاه: (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
وهنا لا بدَّ من التذكير أن منهج علمائنا السابقين – رضي الله عنهم – كان العدل مع مخالفيهم حتى في العقيدة، والأخذ عنهم فيما لا يخالفون فيه صحيح العقيدة، فاهتموا بتفسير الزمخشري – رحمه الله – واحتفوا به، رغم أنه معتزلي، وقبلوا رواية الحديث من أهل البدع، ما داموا متصفين بالعدالة والضبط (فيما لا يرتبط ببدعتهم من باب الاحتياط)،وترحّموا على من مات منهم،وعُرف عنه الصلاح، وطلب الحق.
حفظ الله مفتي عمان، وسدّده، وأدام صوته صادحًا بالحق، وهدى بقية علمائنا

*كاتب وباحث إسلامي فلسطيني

 (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق