شهد قطاع غزّة، خلال الأيّام القليلة الماضيّة، تطوّرات” دراماتيكيّة”، تمثّلت بقيام أحد الشباب من أبطال الشعب الفلسطيني، بعمليّة فرديّة بطوليّة،إذ أقدم رفقة شباب آخرين على التقدّم نحو الجدار الإلكتروني الذي يمتد على طول الحدود في غزة،محاولين عدّة مرّات سحب بندقيّة القنّاص الصهيوني، التي أطلق من خلال النار على عشرات الشبان الفلسطينيين، وبعد تعثّر المحاولات،قام الشاب البطل بإطلاق النار مباشرة من مسدّس كان يحمل،باتجاه الجندي،ليصيبه إصابات خطيرة في رأسه،استدعت نقله بمروحية، لتلقّي العلاج الطبي، ومحاولة إنقاذ حياته، وذلك في مستشفى (سوروكا)، بمدينة بئر السبع (جنوبي فلسطين).
هذا وفي الوقت الذي عمّت فيه الفرحة أوساط الشعب الفلسطيني عموما، وفي قطاع غزّة خصوصا،واحتفت مواقع التواصل الاجتماعي، بما أطلقت عليه (المسافة صفر)، فإن حالة من الغضب الشديد، أصابت أوساط المجتمع الصهيوني، ، يماثلها حالة غضب في أوساط نظام عبدالفتاح السيسي، الذي سارعت أجهزته الأمنيّة إلى إغلاق معبر رفح، على الجانب المصري المحاذي لقطاع غزّة،حتى إشعار آخر، وإصدار قرار بعدم السماح لحملة الجوازات الفلسطينيّة بالهبوط في مطار القاهرة، وجميع منافذها الحدوديّة برّا وبحرا وجوّا !
هذا وقد التزمت السلطة الفلسطينيّة الرسميّة في رام الله، الصمت التام، إزاء الإجراءات المصريّة، وكذلك حركة حماس ، التي تدير الأوضاع في قطاع غزّة،ولكنّ كتّابا محسوبين على حركة حماس، وجّهوا نقدا لاذعا، واتّهامات صريحة، لنظام السيسي، متّهمينه بالتواطؤ مع الاحتلال والعمل لمصلحته.
ولعلّ أبرز من عبّر عن ذلك، الكاتب مصطفى الصوّاف، أحد الإعلاميين البارزين في غزّة والكاتب ماجد حسن، أحد الناشطين البارزين في الضفة الغربية.
أمّا الصوّاف، فقد كتب مقالا حمل عنوانا مثيرا : (إغلاق المعبر فضح المستور)… وأمّا ماجد حسن، فحمل عنوان مقاله تساؤلا هو : (ماذا وراء اغلاق “السيسي” لمعبر رفح؟!).
وتنشر (كواليس)، المقالين كاملين.
إغلاق المعبر فضح المستور بقلم: مصطفى الصواف يشاع كثيرا أن سبب إغلاق معبر رفح جنوب قطاع غزة، الذي يعدّ المتنفّس الوحيد إلى العالم الخارجي ،مرورا عبر مصر، يعود لأسباب تقنيّة متعلّقة بتجهيزات المعبر،وهذا كذب واضح، وتضليل للمتابعين والباحثين والرأي العام المصري والفلسطيني، لأن حقيقة الأمر غير ذلك ،وإغلاق المعبر، جاء بناء على ما حدث عند دوار “ملكة” من مواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال ،والتي أصيب بها مايزيد عن أربعين طفلا وشابا، نتيجة إطلاق النار من قبل قوات الاحتلال،بينهم طفلان بحالة حرجة، ثم جاء الرد من شاب بإطلاق رصاصتين من مسدّس، كان يحملة مستهدفا ذلك القنّاص، والذي أوقع هذا العدد الكبير من الإصابات الحرجة، فأصابه إصابة بالغة من نفس الفتحة التي أطلق سلاحه الرشّاش منها، صوب الأطفال والشباب، وهو يتحصّن خلف ذلك الجار اللعين. جاء إغلاق المعبر من الجانب المصري ،والذي ظّن البعض أنه وسيط حياديّ بين المقاومة في قطاع غزة والاحتلال الصهيوني ، ولكن إغلاق المعبر ردا على ما أصاب ذلك الإرهابي،وأصاب الكيان في مقتل،وهذه الحادثة، والتي تبعها إغلاق المعبر، أكّدت أن الوسيط المصري ،ليس نزيها ،بل هو منحاز إلى الاحتلال الصهيوني، ولا يريد للمقاومة ،أن تقوم بدورها في الدفاع عن غزة وأهلها ،وكان يضغط وبشكل كبير على المقاومة في كل ملفّات: الإعمار ،الحصار، التبادل، كي يستجيب للمطالب الصهيونية !…إغلاق المعبر ،وللأسباب السابقة، كشف القناع بشكل لا يقبل الشك ،أن الوسيط المصري ،هو شريك مع الاحتلال في حصار غزة، والعمل على تبهيت ما حقّقته المقاومة في “سيف القدس”، ويضغط لإخضاع غزة ومقاومتها، للشروط الصهيونية . كان ذلك واضحا خلال التفاوض ،الذي أعقب وقف إطلاق النار،بعد معركة سيف القدس والتي لم يحقّق الوسيط المصري ما تم التوافق عليه عند قبول وقف إطلاق النار، من العودة إلى ما كان قبل العاشر من أيّار(مايو )،قبل اندلاع معركة القدس،وكان سبب كل ذلك الوسيط المصري والاحتلال الصهيوني ،المتوافقان على تشديد الحصار، وعدم الاستجابة لمطالب المقاومة، وكان الوسيط في كل مرحلة يكذب ويسوّف ويماطل،ظانا أن ذلك سيشكّل ضغطا على المقاومة، وسترضخ لما يريده الاحتلال،ويشجّعه الوسيط على ما يريد ! الجانب المصري،أخطأ في تقدير الموقف،وأخطأ في فهم صبر المقاومة،وأخطأ عندما ظنّ أنه يخدع المقاومة،من خلال الكذب،الذي مارسة طوال الفترة من بعد وقف إطلاق النار، عقب معركة “سيف القدس “،حتى يوم أن أعلن عن إغلاق المعبر في وجه الفلسطينيين المغادرين والعائدين، حتى يحدث إرباكا وحراكا من الفلسطينيين تجاه المقاومة،وكأنه يقول كما يقول الاحتلال: إن المقاومة لن تجلب لكم إلا مزيدا من الحصار، ومزيدا من الأزمات والجوع ، وكأنه يمارس الدور المكمّل لدور الاحتلال ،بمزيد من التضييق على غزة، حتى ترفع الراية البيضاء! غزة والمقاومة، ليس كما تتصوّر المخابرات المصرية، في أنها يمكن أن تخضع للابتزاز ،ولكنها ستقاوم ،ولن تقف عاجزة، حتى لو أغلقتم المعبر ،وزدتم في الحصار، وتوافقتم مع الاحتلال في حصار غزّة والضغط عليها ،فلن تجدوا إلا الرفض ،وإن محاولاتكم لن تحقّق شيئا،ومصالحكم لن تتحقّق،وستضطرون لفتح المعبر، ليس حبّا بغزّة، ولكن رغما عنكم، لأن مصالحكم التي تسعون لتحقيقها، لن تكون إلا من خلال فتح المعبر ،وتحسين شروط المغادرة والقدوم ،والاستمرار في قبولكم دور الوسيط بين المقاومة والاحتلال ،حتى وإن كانت نواياكم خدمة الاحتلال. ما أقوله ،هو الواقع الذي ستثبته الأيام القادمة، وإن المعبر سيفتح ،كون مصلحة الجانب المصري ،تقتضي فتحه، حتى يكون وسيطا على الأقل مقبولا،دون أن يبتز الجانب الفلسطيني،وأن يكون وسيطا بالطريقة التي تحقّق مصالح وحقوق الفلسطينين، لأن المصلحة ،هي التي ستجبر الجانب المصري على ذلك ،ومصلحة مصر اليوم، أكبر من مصلحة غزة، ولا تستغربوا من هذا الذي أقوله، لأنه بات اليوم هو الحقيقة، التي ستدفع مصر لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه . صحيح أن غزة ومقاومتها ضعيفة،ولكن هذا الضعف هو سرّ قوتها، الذي سيجبر الواهمين بالقوة، لوصول غزّة إلى ماتريد. |
ماذا وراء اغلاق “السيسي” لمعبر رفح؟! بقلم : ماجد حسن منذ انقلاب الطاغية” عبدالفتاح السيسي” على الشهيد ” محمد مرسي” في مصر ،كان من أولى أولوياته، محاصرة المقاومة في قطاع غزة،وقطع شريان الإمدادات لها ،بعد الانفراجة الكبيرة التي حصلت تجاه القطاع، في عهد الشهيد محمد مرسي” -رحمه الله- ،وتحقيقا لهذه الغاية، قام بممارسات إجرامية في سيناء، لم يسبقه فيها أحد من قبله من رؤساء مصر، لدرجة أنه أزال مدينة كاملة من الوجود، وهي رفح المصرية،وهجّر أهلها إلى منافي البلاد. هذا الطاغية ،لم يرد يوما خيراً للقطاع وأهله ،والخطوة التي أقدم عليها، منذ عام 2018،والمتمثّلة بفتح معبر رفح، بعد حصار كامل ،استمر لمدة خمس سنوات،لم تكن إلاّ نكاية في رئيس السلطة “عباس”-ولم تكن حبا في التخفيف عن غزة – ،بعد أن رفض الأخير مطالبة “السيسي” له بإعادة المفصول “دحلان” إلى أحضان”فتح.وما قام به من أعمال بهذا الخصوص، لم تعدُ عن محاولة إيجاد حاضنة شعبية للمفصول “دحلان” داخل القطاع،لا يمكن أن تتحقّق إلاّ بفتح معبر رفح. إن الدور الذي لعبه” السيسي” في معركة “سيف القدس” ،كان دورا ماكرا خبيثا ،ظاهره شيء،وباطنه شيء آخر !…لقد تحرك بأوامر من أسياده الأمريكان والصهاينة، بعد أن اتضح أن مسار المعركة، لا يخدم الصهاينة،وبعد ان اتّضح حجم التضامن العالمي الهائل مع القطاع وأهله ،وبعد الصورة المبهرة التي ظهرت فيها المقاومة في هذه المعركة. إن ما قام به “السيسي” من إعادة إغلاق معبر رفح يوم أمس الأول ، هو استمرار لنفس السياسة التي اضطلع بها نظامه من قبل ،والمتمثّلة بخدمة الكيان الصهيوني،ضمن أدوار مختلفة…لقد كان الدور الأخير لهذا النظام القذر ،هو العمل على امتصاص الإنجازات الضخمة، التي حققتها المقاومة في معركة سيف القدس، وصولا إلى تحويلها إلى هزيمة لهذه المقاومة ،بحيث تصبح إعادة الأمور إلى ماكانت عليه قبل الحرب الاخيرة،هى الهدف الأسمى للعملية التفاوضية مع المحتل،دون أن يحصل من خلالها أهل القطاع على أي عملية اختراق حقيقية لرفع الحصار عنهم، أو إعادة الإعمار لغزة،دون أن يتم ربطها بموضوع الأسرى الصهاينة المأسورين لدى المقاومة..إن الرسالة التي يريد نظام “السيسي” إيصالها الى المقاومة بشكل عام، وإلى “حماس” بشكل خاص: إن إيقاع التفاوض مع الصهاينة ، أنا الذي أحدّد ضوابطه،وحدوده ،وليس أنتم ،وإذا خرجتم عن هذه الضوابط، سأقوم بحصاركم ،ومعاقبتكم،وسأعمل على تأديبكم،فمفتاح القطاع بيدي،أفتحه متى أشاء ،وأغلقه متى اشاء ،فورقة القطاع ،لا بد أن تبقى بيدي، حتى أستطيع أن أحقق من خلالها مكاسب للصهاينة، ولدى الأمريكان،فمن خلال العمل على الحفاظ على أمن المحتل ،وعلى مصالح أمريكا في المنطقة،يكون هناك استجلاب المزيد من الدعم والتأييد،لنظامه الدكتاتوري الإجرامي ،والذي يستمد منه شرعيته منذ حصوله عام 2013 وحتى الآن . إنني أدرك أن المقاربات في التعامل مع هذا النظام القذر، هي مقاربات صعبة للغاية،فالمقاومة تريد إيصال رسالة قوية للمحتل،وتضغط عليه بكل الوسائل المتاحة، لتحقيق فك الحصار عن غزة،وإعادة الإعمار ،وتحسين مستوى المعيشة هناك..وهي من جانب آخر تصطدم بمرواغة النظام المصري في المفاوضات مع المحتل،فهي إلى الآن ،لم تحقق الحد الادنى الأدنى من المطالب المرجوة من هذه المفاوضات… وهي في الوقت نفسه، لا تريد أن تخسر هذا النظام، ولا تريد أن تصل إلى مرحلة القطيعة معه، بحكم دكتاتورية الجغرافيا كما يقولون.… ولكن النهاية، لا بد من اتخاذ القرار الصعب ،الذي يصبّ باتجاه تحقيق الأهداف المرجوة ،التي وضعتها المقاومة نصب اعينها ،فهذا المحتل لا يمكن أن يخضع إلاّ لمنطق القوة،وفي النهاية لا يصح الا الصحيح..لا بدّ للمقاومة أن تستمر في ممارسة ضغطها الموزون والفاعل والمؤثّر، لتحقيق اهدافها وليذهب هذا النظام إلى الجحيم، ما دام أنه جعل من نفسه خادما لأهداف الاحتلال،وحارسا لأمنه ! |