مقالات

انقلاب تونس

د.إبراهيم حمامي*
قيس سعيّد، الذي يرى نفسه المفسّر الوحيد للدستور التونسي، خرق الدستور بشكل فاضح…
استند سعيّد في انقلابه على الفقرة (80 )من الدستور التونسي…
هذه المادة تنصّ على التالي:
“لرئيس الجمهورية في حال خطر داهم مهدّد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة، ورئيس مجلس نواب الشعب ،وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب.
ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حلّ مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة”.
أي أن سعيّد خرق نص المادّة التي استند عليها في انقلابه:
1) لا يوجد خطر يهدّد كيان الوطن أو أمن البلاد.
2) لم يستشر رئيس الحكومة، أو رئيس مجلس نواب الشعب، كما ادّعى كذباً.
3) عرقل وما زال يعرقل تشكيل المحكمة الدستورية.
4) مجلس نواب الشعب،لا يجوز حلّه ،أو تجميده ،أو تعطيله،ويبقى في حال انعقاد دائم.
5) لا يحق له حلّ الحكومة، أو لومها، بناء على الإجراءات الاستثنائية إن استوفت الشروط.
ثم استكمل ذلك بالقوة العسكرية ،بإغلاق مجلس نواب الشعب، ومقر الحكومة التونسية بالقصبة.
هو انقلاب مكتمل الأركان ،بدأ بخرق الدستور الذي أقسم سعيّد على حمايته، وما زال مستمراً بالقوة العسكرية.
قيس سعيّد،أستاذ القانون الدستوري، يهدّد معارضيه بوابل من الرصاص، وليس بإجراءات قانونية، أو دستورية ،أو قضائية.
قيس سعيّد،،قرّر الزج بالجيش لتمرير انقلابه.
قيس سعيّد، خطّط وجهّز لذلك برفض التعديل الحكومي،ورفض التوقيع على إنشاء المحكمة الدستورية.
قيس سعيّد، مهّد لانقلابه بحملة إعلامية تشويهية ضد الحكومة والبرلمان، وغض الطرف عن التجاوزات في البرلمان من قبل عصابة تقودها عبير موسي.
للتذكير، فإن خطة الانقلاب التي تم رسمها في القاهرة، برعاية أبو ظبي، نُشرت تفاصيلها في شهر مايو الماضي، عبر وثيقة مسرّبة، من مكتب سعيّد نفسه، نشرها موقع” ميدل ايست آي “،ولم تنفها الرئاسة التونسية، ولم تحقّق فيها، ليتم تنفيذها بحذافيرها الليلة الماضية.
حتى اللحظة رفضت كل القوى التونسية تقريباً انقلاب سعيد ،باستثناء قلة قليلة، لا تمثّل أي شريحة من الشعب التونسي، وأدمنت السقوط في صناديق الاقتراع في كل استحقاق انتخابي.
أمام الشعب التونسي خياران لا ثالث لما:
إما سيسي جديد ،وإما إسقاط الانقلاب كما حدث في تركيا.
أي انقلاب يكون في أضعف لحظاته وقت إعلانه، وكل دقيقة تمرّ دون إسقاطه تزيد من قوته…
التحرّك لإسقاط الانقلاب ،يجب أن يكون الآن وليس غداً…
التعويل على قوى وطنية داخل الجيش،قد لا يثمر إلا الإحباط…
الإجراءات القانونية والدستورية لوقف خرق الدستور، وإن كانت مطلوبة تماماً،إلا أنها ليست بديلاً عن تحرّك الشعب…
التعويل الحقيقي ،هو على حراك شعبي جماهيري يُسقط سعيّد ومن معه في انقلابه، وسوقهم للسجن تمهيداً لمحاكمتهم ،بتهمة خيانة الدستور والانقلاب عليه… المطلوب ذلك الآن،أو الديكتاتورية المطلقة والقمع.

*كاتب فلسطيني

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق