مقالات

الرموز التي شكّلت العقل السلفيّ المعاصر في مصر

بقلم : كمال حبيب*

الرموز التي شكّلت العقل السلفي العلمي الدعوي، ذات الطابع الوعظي كلّها، لم تتلق تعليما دينيا نظاميا في معاهد التعليم الديني، التي تخرّج المتخصّصين في علوم الشريعة والإسلام،كالأزهر أو الزيتونة،ولا حتى تلك التي في السعوديه ،كالجامعة الإسلامية في المدينه المنورة، أو جامعة أم القرى ،أو غيرها، مع تحفّظنا على نمط عمل الجامعات السعوديه، ذات التاريخ القصير في نشأتها وتقاليدها العلميه ومناهجها.
أكبر هؤلاء تأثيرا، هو أبو إسحق الحويني، وهي كنية له، وليس اسمه الحقيقي،فاسمه حجازي محمد يوسف شريف. وقد منحه المفتونون به ،لقب أعلم علماء الدنيا في الحديث ،ومحدّث العصر والدنيا، وقد تخرّج من كلية الألسن بتفوّق، من قسم اللغه الإسبانيّة ،ولزم محمد ناصر الدين الألباني الساعاتي،إذ كان يعمل بتصليح الساعات شهرا كما قال ،ومن بعدها أصبح متخصّصا في علم الحديث.
والألباني هو الآخر ،لم يتلق تعليما نظاميا، وإنتاجه العلمي، موضع تنازع وخلاف، وكذلك اجتهاداته الفقهية.
الرمز الثاني ،الذي شكّل العقل السلفي الوعظي العلمي الدعوى ،هو محمد حسان، وهو خريج كلية الإعلام جامعة القاهره ،ولم يتلق هو الآخر تعليما نظاميا في أحد مدارس العلم الديني المعتبرة في العالم الإسلامي ،بما في ذلك جامعات باكستان وماليزيا.
الرمز السلفي الثالث ،هو مصطفى العدوي، وهو مهندس ميكانيكا، تخرّج عام ١٩٧٧،وتلقّى تعليمه الديني، على يد مقبل بن هادي الوادعي اليمني ،الذي انتسب لجماعة جهيمان ،إبان تلقيه العلم في الجامعه الإسلاميه بالمدينه المنورة ،ورحل من السعودية بعد ذلك ،ثم عاد إليها ،وقد أصبح من أتباع ربيع بن هادي المدخلي .ومقبل من أكثر الشخصيات اقتحاما وتهجّما على مخالفيه، كما أنه من أكثر الشخصيات إثارة للتطييف المذهبي ،وهو من مؤسّسي الاقتحام المعاصر للحروب الخلافية، داخل الحالة السلفيه خاصة ،والإسلامية عموما.
الرمز الرابع ،هو محمد حسين يعقوب ،وهو حاصل على دبلوم معلمين كما ذكر في شهادته، ولم يتلق تعليما نظاميا هو الآخر، يؤهّله للتصدّر للوعظ والدعوة.
هذه الرموز غير المؤهّلة علمي،ا هي التي وجّهت وسيطرت وشكّلت العقل السلفي المصري، كان استلهامها الرئيس من مدرسة الحديث ،التي قادها الألباني، ثم المدرسه الوهابية ،التي يمثّلها علماء السعوديه، خاصة الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين ،وهم حنابلة في الفقه، ووهابية في العقيده، وخاصة التوحيد ،وهي مدرسة شرعيتها ووجودها قائم على اعتبار أن المسلمين ليسوا على التوحيد الصحيح وفق مفهومهم ،ولابد من إعادتهم له ولو بالقوه بدرجاتها المتفاوتة.
المشكله ان السلفيه رغم أنها لا تكفّر، لكنها تنظر إلى مجتمعاتها بريبة وتشكّك، لأنها مجتمعات مفارقة للتوحيد الصحيح ،فهي قد وضعت نفسها في مواجهة مجتمعها.
ولما كان أمر تغيير المجتمعات المركّبة، وذات العمق الحضاري الكثيف كمصر أمرا صعبا، لا يستطيع هؤلاء القيام به ، فقد تحوّلوا جميعا إلى جزء من مشاريع خاصه لكل منهم، متماهين مع الوضع القائم ،ومستعدين في أي لحظة، لأن يكونوا جزءا من المشهد ،لا من أجل تغييره، ولكن من أجل التكيّف معه ،والبقاء داخله ،أو على هوامشه.

* باحث قانوني وحقوقي

 (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق