مقالات

رسالة إلى محمود عبّاس

جميل عبدالنبي*
السيّد الرئيس محمود عباس:
ماذا يفعل سفراؤنا المحترمون؟ وما هي وظيفتهم أصلاً؟
عام 2011م كنت في رحلة عمرة للحجاز، خلال الرحلة اضطررت لمراجعة مكتب القنصلية في جدة، ماذا رأيت هناك؟ رأيت أبواباً مقفلة، وزاوية صغيرة على حافة المبنى، وفي الزاوية نوافذ من خلالها فقط يمكن للفلسطيني الموجود في الحجاز أن يتواصل مع الموظفين، لا يُسمح لك بالدخول إلا بشق الأنفس، وكنت قد دخلت بعض المقرات الحكومية السعودية، وتجولت في داخلها، وتنقلت بين مكاتبها بكل أريحية، بينما في مقر قنصليتنا، التي من المفترض أنها مُغيثنا في غربتنا شعرت بغربة شديدة، أكثر بكثير من غربتي عن أرض الوطن، لم أشعر بحضن دافئ يطبطب عليّ، أو يستقبلني كإبن له يحتاج إلى مساعدة، إنما كضيف ثقيل الظل، يجب أن تحافظ على مسافة ما بينك وبينه، ولا يخاطبنك إلا من وراء جدر..!
حتى المهمات البسيطة سيادة الرئيس يؤدّونها بتعالٍ كبير، فكيف لهؤلاء أن يكونوا سفراء لقضية لا تزال في مرحلة التحرر الوطني؟!
ما أفهمه من مسمّّى سفير سيادة الرئيس ،أنه ممثّل لبلاده بكل قضاياها، ونحن دائماً نزعم أن جزءاً مهماً من نضالنا ،يتمثّل في حرب الرواية، وشخصياً أزعم أن إسراأيل، وإن قامت في الأساس كتعبير عن حالة استعمارية متوحّشة، لكنها سبقت قيامها بالرواية، وحافظت على صورتها كضحية بالرواية، ونحن كما تعلم الضحايا الحقيقيون، لكن، ولأننا لا نحسن عرض الرواية يرانا العالم كمجرمين، معتدين..! تخيّل كيف حوّلت إسرائيل الضحية إلى مجرم، والمجرم إلى ضحية..!
سيادة الرئيس:
ماذا يفعل السفراء في سفاراتهم؟ ولماذا حسام زملط من دونهم يقاتل في كل الجبهات لعرض الحقيقة؟
يمتلك الفلسطينيون مصدر قوة لا تمتلكه دول كبيرة، للفلسطينيين جاليات كبيرة في معظم دول العالم، ولا أظن أن أي فلسطيني في أي مكان في العالم يمكنه أن يبخل على قضيته ببعض الجهد لو وجد جهة رسمية تقود نضاله، وتنظمه، فلماذا لا تقود سفاراتنا نضالاً سلمياً بواسطة جالياتنا لعرض الرواية الفلسطينية؟ لا نطلب منهم حمل السلاح، ولا مخالفة قوانين الدول المقيمين فيها، إنما نضالاً سلمياً دؤوباً لا يتوقّف، بالتظاهر السلمي، والحوارات المفتوحة، والمقالات، واللقاءات التلفزيونية، ومعارض الصور، هذا كل ما نطلبه، فهل هذا كثير؟ وسيجدون جالياتنا على أتم الاستعداد للمشاركة، لكن إدارة العمل تحتاج إلى جهة رسمية، ومنظّمة، ومقدرات معيّنة قد لا يمتلكها فلسطيني مغترب، بينما يمتلكها سفراؤنا، فنحن نسمع عن رواتب كبيرة، ومقدّرات كبيرة، فماذا يفعل بها سفراؤنا؟
سيادة الرئيس:
من لا يصلح من هؤلاء لهذه المهمة فأقله، وعيّن بدلاً منه وطنياً ،لا يبحث عن الراتب وحسب، إنما عن وطن لم يتحرر بعد.
مع خالص تحياتي

*كاتب ومفكّر فلسطيني

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق