قطبي العربي*
مكرم محمد أحمد،هو أحد أكبر المعمّرين في الصحافة المصرية،وهو أحد أبرز وجوه الصحافة و(صنايعيتها)بكل صراحة،وأحد نقباء الصحفيين لخمس دورات.
قبل ثورة يناير، كان مكرم أحد أبرز رجال نظام مبارك،ولكنه مع ذلك،كان نقابيا حقيقيا، يغضب حين يتعرّض صحفيون لعدوان، ويتواصل مع أعلى المستويات لحل المشكلة،كنت شخصيا شاهد على الكثير من ذلك،فقد كان كثيرا ما يدخل معنا في نقاشات حادة دفاعا عن النظام،ولكنه في الوقت نفسه، يتدخّل بعد انتهاء النقاش الحاد لصالح الصحفيين.حدث صدام بيني وبينه أكثر من مرّة،كانت أسخنها خلال حبس الأستاذ مجدي أحمد حسين، وبعض صحفيي جريدة الشعب، وصرخت في وجهه (هل انت نقيب شرطة أم نقيب صحفيين؟) كان ذلك ردا على دفاعه أمامنا عن الشرطة،وظل في حالة نفسية صعبة لم يستطع معها بدء اجتماع المجلس،إلا بعد أن أقنعني مدير النقابة سعد الدين مصطفى وبعض الزملاء بترضيته، كما أنني دخلت معه في مشاجرة أخرى عقب عودتي من الخارج عام ٢٠١٠، وعرفت لاحقا أنه تدخّل بقوة لدى المجلس الأعلى للصحافة في ذلك الوقت لحل مشكلتي.
مكرم الذي سـخِرَ مثل اخرين من ترشيح الدكتور محمد مرسي ،كمرشح احتياطي (استبن بالتعبير السوقي)،كان هو نفسه أشهر “استبن ” في نقابة الصحفيين للمرشّح الأصلي إبراهيم نافع، ولم يجد في ذلك عيبا.
لم يكن مكرم مجرد نقابي ،ولكنه لعب أدوارًا سياسية،فقد كان من كتّاب خطابات مبارك، وكان وراء مبادرة التسوية مع الجماعة الاسلامية والمراجعات التي تمّت، وحاول فتح حوار مع الإخوان،لكنه لغّمه بالكثير من الشروط التي أغلقته من البداية.
قامت ثورة يناير، بينما كان مكرم نقيبا للصحفيين،وكان أحد شعارات الثورة تطهير الاعلام ، وكان هو شخصيا احد الوجوه المستهدفة بالتطهير، وقد قام الصحفيون فعلا بطرده من النقابة في مشهد ثوري واضح، ولم ينس مكرم هذا الموقف ،فنذر ما تبقّى من حياته للثأر لنفسه، فانحاز مبكّرا وبقوة لانقلاب ٣ يوليو ٢٠١٣، وقرّبه نظام السيسي ،فاختاره رئيسا للمجلس الأعلى للاعلام الذي اتّخذه منبرا للثأر من خصومه السابقين،ولا ننسى خطبته العصماء أمام السيسي في أحد مؤتمرات الشباب مردّدا جملته الشهيرة ،أنه لم يجد أحدا ينتقد رئيسه بهذه القوة (!!!) إلا في مصر . (ثلاثا) .
لم يشفع ذلك النفاق لمكرم ، فأطاح النظام به ليعيّن كرم جبر بديلا له ،وهو ما أشعره بالقهر !! ولم يعش بعد ذلك كثيرا.
*كاتب مصري
(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)