تعرّض محور الثورات المضادة، الذي تمثّله( الإمارات،مصر، السعودية،البحرين)، لضربة سياسية جديدة، تُضاف ألى سلسلة الضربات التي تلقّتها، خلال الشهور الأخيرة. وأمّا هذه الضربة، فتمثّلت بهزيمة القائمة التي دعمتها الإمارات، للفوز بقيادة ليبيا، خلال المرحلة الانتقالية، والتي أشرفت عليها الأمم المتّحدة. ولعلّ ما زاد في ألم هذه الضربة، أن القائمة الفائزة مدعومة من تيّار الإخوان المسلمين.وفيما يلي تقرير تحليلي عن الانتخابات وخلفياتها ونتائجها. أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ،فوز القائمة الثالثة التي يرأسها محمد المنفي ،بانتخابات المرحلة الانتقالية في ليبيا،الأمر الذي شكّل إرباكاً لمتابعي الشأن الليبي، وأثار الكثير من الأسئلة في أذهان الجمهور، فما هي هذه الانتخابات؟ومن هم أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي؟ وكيف تم اختيار أعضاء الملتقى؟ وما هي الخلفيات السياسية للفائزين بالانتخابات؟ وهل تعني نتائج الانتخابات انتهاء الأزمة؟ ملتقى الحوار السياسي الليبي في التاسع من تشرين إوّل (نوفمبر) ،2020،انطلق الحوار السياسي الليبي في تونس، برعاية الأمم المتحدة ،وحضور 75 شخصية، تمثّل جميع الأطياف والتيارات الفكرية والسياسية والقبلية الفاعلة حالياً في ليبيا. أعضاء الملتقى، تم اختيارهم من قبل مبعوثة الأمم المتحدة (ستيفاني وليامز)، بعد التوافق مع جميع الأطراف المتصارعة من الشرق والغرب، إذ أصرّت وليامز ، على مشاركة أوسع عدد ممكن من الممثّلين، حتى تكون القرارات والتوصيات ،التي ستصدر عن الاجتماع ملزمة وذات مصداقية. وتضم قائمة أعضاء الملتقى، أبرز الشخصيات الليبية ،بينهم ممثّلو مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري)،وممثلون عن قبائل، وآخرون عن الشرق والغرب والجنوب، وأحزاب. اجتمع أعضاء الملتقى الشهر الماضي في جنيف، ووقّعوا على آلية انتخاب السلطة التنفيذية الجديدة، وكذلك على تعهّد خطّي بالالتزام بنتائج الانتخابات. آلية الانتخابات واختيار القوائم تنصّ الآلية التي تم الاتفاق عليها ،على أن يقوم كل طرف ،بترشيح قائمة تتكوّن من 4 أشخاص من الذين يتم التوافق بينهم ،بمراعاة المعيار الجغرافي المحدّد، على أن تحمل كل قائمة مرشّحا واحدا لمنصب رئاسة الحكومة، و3 مرشّحين من الأعضاء المختارين لعضوية المجلس الرئاسي من المجمّعات الانتخابية (الإقليم). ولكي تدخل القائمة للتصويت العام في القاعة، يجب أن تحصل على (17 )تزكية موزّعة على الأقاليم الثلاثة،وهي (8 )تزكيات لكل مرشّح من الغرب،و (6) تزكيات لكل مرشّح من الشرق،(3) تزكيات لكل مرشّح من الجنوب، مع بعض التغيير في بعض التفاصيل المتعلّقة بفوز ثلاثة،أو واحد، أو اثنين في المجمّعات الانتخابية. ما آلية فوز القوائم بالسلطة؟ تعرض جميع القوائم على أعضاء الحوار السياسي للاختيار، وتفوز القائمة التي تحصل على أصوات بنسبة 60% من أصوات القاعة في الجولة الأولى، وإذا لم تحصل أي من القوائم على هذه النسبة المطلوبة ،تتنافس في الجولة الثانية، القائمتان اللتان تحصلان على أعلى نسبة، على أن يتم اختيار القائمة التي تفوز بنسبة 50+1. ويكون رئيس المجلس الرئاسي من الأعضاء المختارين لعضويته من المجمعات الانتخابية للأقاليم من القائمة الفائزة، ومن إقليم مختلف عن إقليم رئيس الحكومة. نتائج الانتخابات اختار أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف يوم (الجمعة) ،القائمة الثالثة التي يرأسها محمد يونس المنفي ،لرئاسة المجلس الرئاسي الجديد، وعبد الحميد دبيبة رئيسا لحكومة الوحدة الوطنية. وحصلت القائمة الثالثة الفائزة في تصويت أعضاء ملتقى الحوار السياسي على( 39 )صوتا من أصل (73)، في حين حصلت القائمة الرابعة -التي يترأسها عقيلة صالح، وبعضوية عبد المجيد سيف النصر من الجنوب ،وأسامة جويلي من الغرب ،ورئيس الحكومة فتحي باشاغا من الغرب- على 34 صوتا. من هم أعضاء القائمة الثالثة؟ يرتبط اسم رئيس المجلس الرئاسي الجديد محمد يونس المنفي بالاتفاقية الليبية التركية، حيث كان المنفي سفيرا لليبيا في اليونان، وتم طرده بعد زيارة عقيلة صالح لليونان اعتراضا من أثينا على الاتفاقية الليبية التركية الموقّعة بين حكومة الوفاق الوطني، والحكومة التركية عام 2019. ودفع أعضاء من مجلس الدولة من كتلة برقة شرقي ليبيا ،وأعضاء مستقلون في ملتقى الحوار السياسي ، ليكون المنفي رئيسا للمجلس الرئاسي في السلطة التنفيذية الجديدة. ويرجع المنفي في أصوله، إلى قبيلة “المنفه” ،في مدينة طبرق شرقي ليبيا، وهو عضو سابق في المؤتمر الوطني العام،ومن المنشقين عنه من حزب تحالف القوى الوطنية، ويعدّ من المعارضين لعقيلة صالح وخليفة حفتر. أما رئيس الحكومة في التشكيلة الجديدة ،عبد الحميد دبيبة ،فينحدر من مدينة مصراتة غربي ليبيا، ويعدّ من رجال الأعمال الليبيين، وأدار مجموعة من شركات البناء والتطوير، ويشغل حاليا منصب رئيس مجلس إدارة الشركة الليبية للتنمية والاستثمار القابضة. ويسعى دبيبة منذ فترة من خلال جولاته الدبلوماسية الخارجية ،لخلافة رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، وهو مقرّب من رجل الأعمال المعروف علي دبيبة، عضو ملتقى الحوار الليبي. وتضمّ قائمة المنفي، نائب الرئيس موسى الكوني ،من ” الطوارق” عن الجنوب، وهو نائب سابق في المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق، وقرّر الانسحاب منه ،بسبب ما وصفه بعدم وفاء المجلس الرئاسي بقيادة السراج بالتزاماته، كما تضمّ القائمة عضو مجلس النواب عن مدينة الزاوية غربي ليبيا، عبد الله اللافي .