تكرّر هذا السؤال كثيرا ،سواء من الذين سمعوا عنهم أول مرة من خلال ردودنا عليهم، أم من المداخلة أنفسهم شيوخا وأتباعا، حتى بلغت الثقة بهم أن قالوا: “نتحدّاكم أن تعرّفوا لنا ما هي المدخلية؛ هل تجدون لها حدًّا أو تعريفا ؟” .ومن أشهر من أطلق هذا التحدّي، هو أحد شيوخهم في مصر ” سعيد رسلان”؛ لذلك سأتكلّم في هذا المقال عن المداخلة واضعا في الحسبان، أن القارئ إمّا أنه لا يعرف عنهم شيئا،وإمّا أنه واحد منهم،ينتظر الجواب عن تحدّي شيوخهم؛ وأنا من سبق له الاصطدام بهم، ومعرفتهم مع مخالفتهم، فقد يجد هذا المقال ملخِّصا للتعريف بالقوم،حتى ينقله لمن قد يعرض عليه نفس السؤال،حتى لا يكلّف نفسه عناء تكرار الجواب في كل مرة؛ وأبدأ والله ولي التوفيق.
بداية_المقال:
أولاً: ماهو تعريف المدخلية وكيف يعرفهم الناس في أرض الواقع ؟
التعريف_المجمل: المداخلة ،هم أتباع ربيع المدخلي، وهم فرع عن الجماعة الأوسع “الجامية”…عملهم ترجمة السياسة السعودية ،إلى فتاوى دينية، مع عقد الولاء والبراء في شخص ربيع المدخلي.
التفصيل في التعريف بالمداخلة:
المداخلة،هم مجموعة من المسلمين، ينتسبون لأهل السنة والجماعة ،وتحديدا إلى السلفية؛ يسمّون أنفسهم بالسلفيين،و يغلب عليهم تعظيم الشعائر المتعلّقة بالشكل واللباس،كاللحية الطويلة،والقميص القصير ،وقبّعة الرأس.طبعا هذا اللباس،ليس لباس المداخلة وحدهم ،وليس المقصود بالتطرّق إليه نقده والاعتراض عليه ،وإنما ليكون التعريف مفصّلا… لا يُطلقون على أنفسهم هذا لقب “المداخلة”،وإنّما يُطلقه عليه خصومهم ،كما يُطلق المداخلة على خصومهم ألقابا لا يتسمّون بها؛ سُمّيَ المداخلة بذلك نسبة إلى شيخهم فرقتهم “ربيع المدخلي”،ويصحّ وصف المداخلة بالجامية أيضا، باعتبار ربيع المدخلي نفسه من أتباع محمد أمان الجامي؛ والجامية جماعة أوسع من المدخلية ،فكل مدخليٍّ جاميّ ،وليس كل جاميٍّ مدخليا؛ أما القدر الذي يشترك فيه المداخلة مع الجامية ،فهو الولاء السياسيّ للحكومة السعودية، ومن سار في فلكها ،فيعادون من عاداها، ويوالون من والاها ،وكل ذلك يتم ترجمته إلى فتاوى دينية ،بدلَ التصريح به في شكل مواقف سياسية؛ ولذلك نجد الجامية يشجّعون سياسة الحاكم السعودي ،حتى ولو ناقض سياسة الحاكم الذي سبقه ،والتي سبق لهم وأن شجّعوها في عصره؛ أما المداخلة فيتّفقون على هذه الأصول، ولكنهم زادوا عليها بندا متعلّقا بشخص شيخهم ربيع المدخلي؛فلا يكفي عندهم موالاة السياسة السعودية، التي تختصر كلّية المذهب الجامي ،وإنّما يزيدون عليها اشتراط الولاء لربيع المدخلي ومعاداة كل خصومه؛ بل معاداة من عاداهم ربيع المدخلي، حتى ولو لم يبادروه بالعداوة؛ وكذلك معاداة من لم يعادهم.
ماهي أصول المنهج المدخلي ؟ للمداخلة أصول لم ينفردوا بها، ويوجد من مخالفيهم وخصومهم من يتّفقون معهم على كليّاتها دون جزئياتها؛ أو مع جزئياتها، كما لهم أصول انفردوا بها أو وافقوا بها فِرقا أخرى من أهل الباطل؛ لذلك سأقسّمها إلى أصولٍ صحيحة.
أولاً الأصول الصحيحة:
1 – يؤمنون بوجود الله وصحّة الإسلام. 2 – يوافقون أهل السنة في مصادر التشريع “نظريا”،فيصرّحون في التنظير إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة والإجماع والقياس. 3 – يرون عدالة الصحابة، وخيرية القرون الثلاثة الأولى. 4 – يعتقدون عقيدة أهل السنة في القضاء والقدر، والأخبار الغيبية، والأسماء والصفات، ومسائل التوحيد “،حتى وإن كانوا غير متقنين لتفاصيلها ،وقد يناقضون عند التفصيل ما يثبتونه في الإجمال”.
ثانيا الأصول الباطلة،وهذه الأصول الباطلة منها ما وافقوا فيها غيرهم،ومنها ما انفردوا بها، لكنها جميعا تجتمع فيهم.
1 – معاداة الإسلاميين عموما،والإخوان المسلمين والتبليغيين خصوصا ،وترويجهم للأكاذيب عنهم كما فعل شيخهم سعيد رسلان،عندما روّج لكذبة جهاد النكاح، التي يروّج لها العلمانيون والروافض. 2 – موالاة الحكام الموالين لحكومة السعودية،مثل: “حاكم الإمارات، والسيسي، وحاكم البحرين، وكل من رضيت عنه السعودية”،ويعادون من عادتهم هذه الحكومات، فيعادون أردوغان، وتميم حاكم قطر، وحكومة حماس، ويشتركون في ذلك مع بعض مشايخ الطوائف والجماعات الأخرى ،كالجفري وعلي جمعة والعلمانيين ،الذين يوالون هذه الحكومات ،مثل داوود الشريان، وأحمد موسى ،وعمرو أديب،وقناة العربية،وسكاي نيوز وغيرها ،فهم يسيرون على نفس الاتجاه السياسي معها. 3 – الغلو في طاعة الحكام؛ وعدم تفريقهم بين الذي يكون ولي أمر شرعي ،والذي لا يكون شرعيا بالمفهوم الإسلامي؛ ولم يكتفوا بإنزال الحكام غير الشرعيين في منزلة ولاة الأمور الشرعيين فحسب، بل ذهبوا يحرّمون انتقادهم مستدلين بنصوص لا تفيد مناط الاستدلال الذي أرادوه، ووصفوا كل من خرج على الحاكم بأنه “خارجيّ “،رغم خطورة هذا الوصف الذي يلزم منه تصنيف الحسين رضي الله عنه وعدد كبير من الصحابة ،فضلا عن التابعين، ومن جاء من بعدهم من الصالحين في زمرة الخوارج “والعياذ بالله” ،كما أنهم لا يفرّقون بين الخروج المصحوب بمفسدة أكبر منه، والخروج الذي تكون مفسدته أقل من مفسدة تركه؛ وبلغ بهم الغلو أن قال أحد شيوخهم ،واسمه طلعت زهران: (كل من تغلّب فهو إمام، سواء كان مسلما أو كافرا؛ ولو بابا شنودة تمكّن يبقى هو الإمام)، رغم أنه بنفسه وصف مرسي بأنه لم يكن إماما،ولا وليا شرعيا ،وذلك بعد أن انقلب عليه؛ وهو نفسه الذي كان يصف مرسي أيام حكمه بالإمام والولي الشرعي ،فهم ممن يصدق فيهم المثل: “إن أقبلت الدنيا عليك أقبلوا، وإن أدبرت أدبروا” ،بل هم من الذين لا يكتفون بالإدبار عمن انقلبت عليه الدنيا، بل ينقلبون عليه أعداءً وخصوما. ومن غلوهم في الطاعة، عدم استثنائهم أي حالة تجيز لهم الخروج على الحاكم؛ وحتى قولهم “نطيعه في غير معصية ،يراد به عدم الامتثال لتلك المعصية مع عدم الخروج عليه” ،ويكفي عندهم أن يكون الحاكم مسلما (وأحيانا قد يسقطون شرط الإسلام كما سبق بيانه من شنودة؛ بل واقعا هم يضعون حال الحاكم غير المسلم في حكم الحاكم المسلم، كما فعلوا مع بشار الأسد) ولكن إن افترضنا أن الحاكم غير مسلم ،فله عندهم أن يفعل ما يحلو له دون أن يعترضوا عليه؛ سواء اغتصب أعراض نسائهم، أم قام باغتصابهم رجالا ونساءً ،أم قام بقتل ثُلث شعبه أو نصفه أو حتى قتلهم جميعا؛ سواء استعان بالكفار على المسلمين ،أم أرسل لهم المسلمين إلى سجونهم يسومونهم سوء العذاب،فلا يجوز أن تفتح فمك في الاعتراض عليه ،فضلا عن أن تفكّر في الخروج عليه.
4 – اعتبارهم كل من وقع في البدعة،وقعت البدعة عليه، فيبدّعون الناس بالأعيان دون استيفاء الشروط ،وانتفاء الموانع ،بل ويضمنون لهم جهنم أحيانا وهم أحياء، كوصفهم لمخالفيهم بأعيانهم أنهم كلاب أهل النار؛ وقالها شيخهم سعيد رسلان وحاول الاستدلال على جواز ذلك؛ والمصيبة أنهم يصفون الأحياء بذلك ،ولا يدري الواحد منهم ،لعلّ ذاك الحي ،يتحوّل يوما ما إلى مدخليٍّ مثلهم، فما عساهم يفعلون ؟. 5 – عقدهم الولاء والبراء على شيوخهم، فمن والاهم فهو السنيّ، ومن عاداهم فهو الضال المضل، حتى ولو كانت عداوته لهم شخصية دنيوية،لا علاقة لها بالعقيدة؛ ونتيجة لعقليتهم هذه لا يزالون ينقسمون في كل مرة ،فتارة تخرج منهم الحدادية ،وتارة الحضورية، واليوم انقسموا إلى صعافقة ومصعفقة ،فالصعافقة هم أتباع عُبيد الجابري، والمصعفقة هم أتباع محمد المدخلي ،وسبب هذا الصراع، هو صراعهما على عرش ربيع المدخلي “من يتولاّه من بعده” ،وكان ربيع مريضا فسكت فترة ،ثم تدخّل وانحاز لصف عبيد الجابري ،ضد محمد المدخلي ،فصار “صعفوقا من الصعافقة ،بل رأس الصعافقة”رغم أن أصل هذه التسمية ،كانت بسبب انتساب أصحاب عبيد الجابري إلى ربيع المدخلي ،الذي كان محمد المدخلي نفسه ينتسب إليه ،بل كان محمد المدخلي يقول: من زار مكة ولم يزر الشيخ ربيع ،فهو مغموص في قلبه، ووصفه بغير السلفي ضمنيّا، حين قال: “ثم يقولون هو سلفي ؟” فأراد محمد المدخلي أن يصف عبد الواحد المدخلي وغيره من أتباع الجابري أنهم يتمسّحون بالعلماء ،ويتاجرون بغير رأس مالهم العلمي ،والصعفوق في اللغة، هو من يدخل السوق بغير رأس مال، ويتاجر برأس مال غيره، فوصفهم بهذا الوصف لأنهم بزعمه “يتاجرون باسم ربيع المدخلي” ،فلما استفاق ربيع ،ودخل في الموضوع ،رجّح كفة الصعافقة وأعلن أنه فعلا يتبنّاهم، فانصدع المداخلة إلى شقين “صعافقة ومصعفقة”. 6 – الحلال عندهم ما أحلّته السعودية، والحرام ما حرّمته، فإن حرّمت الحكومة السعودية التطبيع مع الصهاينة “مثلا”،حرّموه ،وإن توقّفت فيه توقّفوا فيه، وإن أحلّته أحلّوه؛و إن حرّمت الحكومة قيادة المرأة للسيارة، استدلوا على هذا التحريم، فإن أحلّته من بعد ذلك استدلوا أيضا على جوازه؛ وإن قطعت السعودية علاقتها مع قطر، قالوا ذلك هو الواجب ،وإن أعادتها قالوا تلك هي الحكمة؛ لا يجوز الخروج على الحاكم ،ولو كان البابا شنودة، فهو الإمام ،أما فايز السرّاج فيخرجون عليه بالسلاح ،رغم أنه حاكم مسلم ،ويفتون بالجهاد ضده؛ وقبل أن يتضارب عقل العاقل ،باحثا عن سبب لهذا التناقض ،فكل ما عليه فعله ،هو النظر في توجّه السعودية السياسي؛ وقد ظنّ المداخلة في يوم من الأيام ،أن السيطرة ستظلّ في يد العلمانيين والموالين للحكومات الغربية واللوبي الصهيوني، فحرّموا الخروج ،ووضعوا له شروطا تعجيزية، وألغوا الجهاد فعليا،بحجة انعدام القدرة، لكن لما انقلبت الموازين ،أصبحت جماعة الشعار الرنّان، الذي قاله سعيد رسلان: “لسنا في حيرة” ،في حيرة كبيرة، فصار الخروج على الحاكم المسلم جائزا، إن كان هو السرّاج الإسلامي الصديق لأردوغان، وصار سبّ الحاكم أردوغان، وحاكم قطر جائزا؛ وصار خروج السيسي على مرسي وانقلابه عليه “لا يعد خروجا أصلا” ،وحسب رسلان، فإن من يتجرّأ ، ويسأل مجرد السؤال: “هل الذي وقع من السيسي خروج ؟” فإن السائل، هو الذي يكون خارجيا؛ ثم قال :”فما بالك إن حاول إثبات أن الذي وقع هو خروجٌ ،ولم يكتف بمجرّد السؤال ،فهذا يعد دسيسة خبيثة على أهل السنة” ،وهكذا يتم التأصيل للمنهج المدخلي،فالأصل عندهم متغيّر بتغيّر مواقف السعودية. 7 – معاييرهم في التزكية والتجريح ،متعلّقة بمدى تقرّبهم من ربيع المدخلي؛ “التزكية عندهم بالمحسوبية والواسطات؛ أو كما يقال باللهجة الجزائرية: (بالوجوه والمعارف) ،ولذلك قد يصف ربيع المدخلي شخصا ما بأنه العالم العلامة، ثم يصفه بالجاهل الذي لم يتعلّم أصلا؛ وقد يقلِبُ العالِمَ؛ الذي شهد له شيوخ شيوخ ربيع بالعلم؛ جاهلًا إن صدر منه كلام يستفزّ شخصه؛ كما فعل مع الشيخ ابن جبرين، عندما قال: “إن ربيع المدخلي رئيس جهاز المباحث في المدينة ،وهو المسؤول عن الفتنة بين السلفيين” ،فبمجرّد أن بلغ الخبر لربيع، أنزل فيه تجريحه، فوصفه بأنه غير عالم وإخواني واضح؛ والإخوان المسلمون في تصنيف ربيع المدخلي،هم أخطر أهل البدع على الإطلاق (وذلك لأن السعودية تعاديهم)،والسعودية تعاديهم خدمة للتوجّه العلماني والصهيوني العالمي ،الذي يُقصي كل المتديّنين النهضويين،سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين.
8 – يُعرف المداخلة بالتجني، والكذب في التجريحّ، فقد يصنّفون شخصا مع جماعة يتبرّأ منها، وقد يصنّفونه مع غير المسلمين أصلا، وكل ذلك بناءً على ما أرادوا هم فهمه من كلامه؛ والعارف بأصول العلم وأحوالهم ،يجزم أن ليس في المداخلة أي عالم ،فكلهم ضعفاء جدا في الجانب العلمي ،وإنّما سبيلهم الوحيد لتغطية هذا الضعف،هو نفخهم لبعضهم البعض بأي طريقة كانت، مع استعمال أسلوب التكبّر، واستحقار المخالفين، والاستعلاء عليهم في الخطاب؛ وقد وقع بعض شيوخهم في السرقة العلمية المفضوحة ،وبعضهم الآخر يكلّف مجموعة من أصحابه بالتعاون على كتابة كتاب معيّن؛ وقد حدث ذلك مع ربيع المدخلي نفسه،والذي أرسل مسودة مكتوبة بخط اليد إلى د.بكر أبو زيد، وكانت كل فقرة منها مكتوبة بخط يختلف عن الفقرة الأخرى،وليس فيها أي فقرة مكتوبة بخط ربيع المدخلي ،حسب كلام الشيخ بكر أبو زيد؛ وكانت ملاحظة الشيخ بكر أبو زيد على الكتاب قوله: “وكأن كاتبه في المستوى الإعدادي، وليس ممن حاز شهادة العالمية -الدكتوراه-” وهذا معروف في رسالة بكر أبو زيد الشهيرة لربيع المدخلي ،حين طلب منه هذا الأخير التقديم لكتابه “أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره.
أشهرخصوم المداخلة:
1 – الإخوان المسلمون. 2 – التبليغيون. 3 – من يسمونهم بالسروريين “سفر الحوالي؛ سلمان العودة، ناصر العمر،……” 4 – من يسمونهم بالحلبيين ،وتلاميذ الألباني عموما. 4 – أبو إسحاق الحويني ،والمأربي ،وخالد الراشد ،عبدالعزيز الطريفي،ومحمد العريفي، وغيرهم. “باختصار: كل من سُجن في السعودية، أو مصر ،أو تعاطف مع هؤلاء المساجين من الشيوخ ،فهو خصمهم” كذلك يخاصمون جماعات أخرى ،هي بالفعل منحرفة، لكنهم لا يردّون عليهم بمنهجية علمية، فيحاربون الشيعة والدواعش ،لكن بالسب والشتم فقط.
ختاما: هناك الكثير من النقاط التي كان بإمكاني الحديث عنها في مقالي هذا ،ولكني خفت من الإطالة ،التي تصيب القارئ بالملل ،ومن شاء الاستزادة فقد فصّلت ذلك في كتاب فيه 500 صفحة، ونشرته بعنوان “متفرّقات في نقد المنهج المدخلي”،كما نشرتُ على صفحتي على ” الفيس بوك “روابط 122 مقالا في الرد على المداخلة.