مسعد البربري*
قدّر الله لي ،أن أكون قريبا جدا من غرفة عمليات مكتب إرشاد جماعة الإخوان في بدايات أحداث ثورة يناير ،وكان الأمر قدرا ،وغير مخطّط له مسبقا. * لقد أنشأت الجماعة في الأيام الأولي من الثورة، غرفة عمليات في مقر جسر السويس ،والمعروف بمقر النواب ،وكان المبني يضمّ المركز الإعلامي الخاص بالانتخابات الأخيرة، والذي كنت مسؤولا عنه .ومع بداية أحداث الثورة،عاودت العمل مع بعض الأفراد بالمركز مرّة أخري ،لتقديم الدعم الإعلامي للحراك (وهذه قصة أخري مليئة بالتفاصيل). * أُضيفت لنا بالمركز الإعلامي مهام أخري، في ظل وجود غرفة العمليات ،مثل تقديم الدعم الإعلامي من رصد لوسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية ،وترتيب اللقاءات الإعلامية لبعض القيادات، خصوصا الدكتور مرسي والعريان رحمهما الله ،و الدكتور الكتاتني،وغيرهم ،وكان من بين هذه اللقاءات اللقاء الشهير الذي تحدّث فيه الدكتور مرسي مع “الجزيرة” ،أثناء خروجه من سجن وادي النطرون، ومن معه من القيادات ،التي أُعتقلت عشية الأحداث،إضافة إلى بعض المهام الأخري، *كان قد انتقل للإقامة بشكل شبه كامل داخل المبنى، الدكتور محمد بديع وبعض القيادت علي نحو متقطّع بحسب الظروف. * في يوم موقعة الجمل، بدأت الأحداث ،واستمرت علي النحو المعلوم للجميع، وفي جسر السويس مع بدايات الليل، كان كم المعلومات الواردة من اتجاهات عدّة (أمنية / الميدان ومحيطه / محافظة القاهرة الكبري / المحافظات / .. وغيرها) ضخم للغاية ،وبعضها كان “مرعبا لأقصي درجة”. * بدأت قيادات القطاعات (الجماعة تُقسّم محافظات الجمهورية إلي عدّة قطاعات جغرافية ،تضم كل منها عددا من المحافظات) في التوافد علي المقر للتشاور في الموقف واتخاذ القرار، وتم أيضا التواصل مع شباب الإخوان في ائتلاف شباب الثورة، والذي تشكّل في الميدان، وأعلن عنه نفسه في بداية فبراير ،وصار منفصلا في قراره عن الهيكل الجغرافي للجماعة، وكان الحوار في شكل استطلاع رأي حول “الانسحاب أو الاستمرار”،وكان رد الائتلاف قاطعاً بالاستمرار. * في ضوء ذلك، قرر مكتب الإرشاد ترك القرار للقطاعات والمحافظات ،لتقرّر ماتشاء، علي أن تبلّغ المكتب بقرارها ،شريطة أن تضع عموم الأفراد في حقيقة الأوضاع وخطورتها ،وتترك لهم الحرية في الاختيار بين الاستمرار من عدمه ،لأن الأمر متعلّق بمواجهة قد تفضي إلى “الموت”. * أنا “شخصيا” جاهدت في سبيل إقناع مندوب قطاع وسط الدلتا ،وبعض القيادات الأخري التي وجدت في ذلك الوقت بقرار الإنسحاب من شدة الرعب علي أرواح الناس.
*تم إبلاغي أن قرار القطاع الرسمي، هو “تكثيف” الحشد إلي الميدان، ودعوة الجميع إلى الاستبسال في الدفاع عنه ،وأن جميع قيادات القطاع ستوجد داخل الميدان، مع ترك حرية المغادرة لمن يريد من “الأفراد” دون إجبار، وفي ذات الليلة وصباح يوم 3 فبراير ،وصلت أعداد كبيرة من إخوان القطاع إلي الميدان (قطاع وسط من القطاعات الإخوانية الكبيرة ،ويشمل محافظات القليوبية والغربية والمنوفية وكفر الشيخ)،
** وأستطيع القو:ل إن أغلب القطاعات والمحافظات ،إن لم تكن جميعها، فعلت ذات الأمر، وغير صحيح أن قراراً رسمياً صدر بالانسحاب ،والأفراد خالفوه.
*ناشط سياسي مصري
(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)