د.سعيد وليد الحاج*
قدراً، رأيت منشورا للدكتور صالح الشحري، عن تصريحات الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، بخصوص العلاقة مع الكيان الصهيوني،أو بالأحرى عن تفسيره/نقده/مهاجمته، لموقف حركةحماس من هذه التصريحات، مستشهداً بثلاثة نصوص، أحدها لكاتب مغربي، والثاني تغريدة للأستاذ ياسر الزعاترة، والثالثة منشور فيسبوكي للعبد الفقير (هو سمّاه مقالاً).
ولأنني، لم أستطع التعليق على صفحة الدكتور صالح الشحري،فإنني أضع ردّي هنا،علماً أنه كان كتب شيئاً يلمّح فيه عليّ – بغير ما قلت – دون أن يذكرني بالاسم، فتجاهلت الأمر، ولكنه في منشوره المشار إليه، هو يذكرني بالاسم مستثمرا ما كتبه العبد الفقير في سياق فكرته،ارتكب – قاصداً أو دون قصد، والأولى أرجح عندي – مغالطات عدة:
الأولى، لكي يستطيع تجيير منشوري لما يريد قوله، فقد اخترع (باللجهة المصرية “افتكس”) مصطلحاً وتوصيفاً جديداً ،على المشهد الإعلامي والأكاديمي، هو “الكاتب الحمسسساوى المتخصّص فى الشؤون التركية”.
الثانية، زعم أنني أمايز بين التطبيع التركي ،وتطبيع باقي الدول، تخفيفاً من وطأة الأول مقابل الثاني، على الرغم أن المنشور ،يقول بكل وضوح :إن الاختلافات بينهما “لا تغيّر من جوهر المسألة شيئاً” ولا ينبغي أن تدفع للتقبل أو التبرير. بمعنى، يدّعي الدكتور أنني أقول: “التطبيع التركي مبرّر، لأنه مختلف عن غيره”،بينما أنا كتبت أن “التطبيع التركي مدان – مثل غيره – حتى ولو كان مختلفاً”.!!
الثالثة، زعم أنني “بذكاء شديد” ،أدعو للتعامل “بالعتاب اللطيف” مع تركيا، مقابل الاستعداء والاستنكار مع باقي الدول المطبّعة، على الرغم من فكرة المنشور الواضحة، ومضمونه، وصياغته، وانتهائه بنفس “الهاشتاغات” المستخدمة في موضوع التطبيع (مع الآخرين) وهي “لا للتطبيع”،و “التطبيع خيانة”.!
الرابعة، زعم أن منشوري، يوحي للقارئ بضرورة ترك التطبيع التركي ،لأنه من الماضي،والتركيز على تطبيع الدول العربية، بل وأنني أبرّر للعلاقات التجارية بين الجانبين، التي “إذن تستحق الشكران لا الغفران”،مع أنه مسطور بشكل واضح جداً في منشوري أن “التطبيع شرّ كله ،وضرر كله ،وخطر كله ومرفوض كله، كائناً من كان فاعله. ولا ينبغي أن نتحوّل يوماً من مساحة التفسير لمساحة التبرير، ومن الفهم للتفهّم”.!!
الخامسة، ادّعى أني حديثي (وحديث الآخرين) ،ينسب الأمر للدين ،وبالتالي يشوّهه، علماً أن منشوري خالٍ تماماً من أي نصوص أو إحالات دينية.
وأحب أن أوضّح للدكتور والجميع ما يلي:
أولاً، أنا أتحدث ،وأكتب باسمي، ولا أمثّل أي جهة، وهو أمر أوضح من أن يُناقش. ولو كنتُ قيادياً في حماس، فإنني أعتب جداً عليها ،كيف يعرف بذلك الدكتور صالح قبلي، وكان عليهم أن يخبروني بذلك.
ثانياً، احتراماً لنفسي، ولمن يقرأ لي، لدي رؤية شديدة الوضوح، أستطيع فيها التفريق بين الموقف والتقييم/التحليل، ثم الجمع بينهما، فأستطيع أن أجتهد في موضوعية التقييم،على الرغم من وضوح الموقف،ولذلك حين أحلّل، أقول: إن هناك اختلافات كبيرة، بين تطبيع الإمارات وتطبيع تركيا (كتبت في ذلك منشوراً مفصّلاً)،لكن حين أعبّر عن موقفي ،فإني أدين الإثنين ،ولا أتهاون ،أو أبرّر لأي منهما (رغم الفروقات).
ثالثاً، أعرف أن ذلك صعبا، وأنه لا يرضي الأغلبية،فالحديث عن الاختلافات يعدُّه البعض تبريراً والإدانة يعدُّها البعض تحريضاً ،ووضعاً للجميع في مستوى واحد،لكنني لا أسعى لرضى أحد في النهاية.
لا إقامتي في تركيا تدفعني للتبرير والدفاع عن التطبيع،ولا كوني فلسطينياً، يدفعني لإنكار الاختلافات عن بعض الأطراف الأخرى.…للتقييم أدواته، كما للموقف صياغته. الإنصاف عزيز، لكنه ضروري ومهم ومفيد.
رابعاً، كتبتُ منشوراً في رفض التبرير لتركيا، ومقالاً على عربي 21 عن تصريحات اردوغان، وشاركت في حلقة تلفزيونية على تلفزيون الحوار عن الأمر. وموقفي فيها جميعاً شديد الوضوح (والحدّة)،فلا مجال للتقوّل والتشويش والادّعاءات.
خامساً، كما ذكرتُ في المنشور، ما زال الأمر في إطار التصريحات (ورغم ذلك كتبتُ وقلتُ ما سلف)، فإذا ما حصلت خطوة عملية من تركيا تجاه الكيان الصهيوني، سأكتب مفصّلاً، على صعيد الموقف والتحليل على حد سواء.
أخيراً، لدي نصيحتان للدكتور الشحري:
1) حين تورد كلاماً لأحدهم وتناقشه ،وتدّعي أموراً معينة بخصوصه، ومن الشجاعة الأدبية، ومن تمام الأخلاق أن تأتي على ذكره (“تاغ” أو “منشن” كما يقال) ،لكي يحظى بفرصة القراءة والنقاش والرد إن أراد، أما الكتابة بهذه الطريقة “المختبئة” فلا تليق.
2) أدر – لو سمحت – خلافاتك ،وخض معركتك مع حماس ،أو بعض قياداتها، بعيداً عن العبد الفقير (هذا ما يهمّني) ،والأفضل بطريقة موضوعية ،بعيداً عن ليِّ أعناق النصوص والادّعاءات غير الصحيحة ،بخصوص النوايا والتفسيرات غير المنطقية (لا يهمني كثيراً، فذلك شأنك).
*كاتب فلسطيني
(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)