أنس رصرص*
منشأ المصطلح، كان في فرنسا، نسبة إلى الجندي المشهور بتعصّبه لنابليون ( نيكولا شوفان )،والذي كرّس حياته للقتال من أجل نابليون،ومن أجل التهجّم على خصومه، واحتقارهم بأبشع الأوصاف الدونية، لمّا اقعدته جراحه عن القتال ،فأُطلق مصطلح “الشوفينية” على العنجهية المغالية في تقديس الدكتاتور ،والتعصّب القومي الأعمى، وتحقير المخالفين، والدفاع غير المعقول عن فكرة وزعيم ونظام .
تحوّلت الشوفينية ، إلى مبحث مطوّر في علم النفس، يُعنى بالحالة الذهنية والنفسية للمصاب فردا أو جماعة ،الذين يتوافر الاستعداد غير المحدود لديهم، للكذب والغش والخداع حتى للنفس ،والقتل دون تردّد، استجابة لعِقد الحقد والكراهية، وفي سبيل الزعيم أو المبدأ المتوهّم .
يعاني مريض “الشوفينية”من إشكالات معرفية، واضطرابات الفهم،وعدم قدرة على تجديد أفكاره الخاطئة ،بل وتكلّسه عندها، لأنه لا يملك الجرأة على نقد ذاته وأفكاره، على الرغم من شكّه الكبير ، مع زعم إلمامه بالثقافات والأفكار من حوله .
ويرى عالم النفس (جوناثان هادت) أن الشوفيني، لا يكون في أغلب الأحيان، مستفيدا من النظام الذي يدافع عنه ،لكنه احساس داخلي بالأمان ، ويرى علماء آخرون،أن “الشوفينية “،هي نوع من التكتيك الدفاعي ،يلجأ اليه الفرد أو النظام غير المؤهّلين نفسيا وذهنياً ،لإنشاء علاقة متساوية ومتكافئة ومحترمة مع الآخرين، فيخفون عجزهم عن إنشاء هذه العلاقة ،بدواعي الكراهية والتعالي، أو اتّهام مجموع الشعب وأحزابه وفئاته بالخيانة !
والشوفينية أخت العنصرية ،وكلاهما يستند إلى تعصّب قومي ووطني ورسالة قومية خالدة ، وإنكار لوجود الآخرين، واستباحة قمعهم وإبادتهم.وأخطر حالاتها، أن يكون المرض لدى فئة عسكرية حاكمة ، هنا لا يكون العسكر وطنيين وقوميين ، بل هم الوطنية ذاتها، وهم القومية عينها، وهم مقدّمون على الدولة والشعب، وما عداهم ومن رفضهم هراء، يستحقون الإبادة . إمّا لغتهم فهي مواجهة الحقائق والحجج بالسباب والشتائم … احذروا هذا المرض العضال .