ماجد حسن*
هناك من الباحثين ،لا تملك إلاّ أن تحترمه،وتقدّر جهده..كيف لا، وهو يقضي السنوات الطوال باحثا عن الحقيقة..ينتقل من مكان إلى آخر ،ومن مقابلة شخصية إلى أخرى ،حتى يقدّم للقاريء معلومة موثّقة وصحيحة،ولا يكتفي بذلك،بل يعمل على المقارنة بين الروايات،ويرجّح أصوبها..ما جعلني أكتب هذا الكلام، قراءتي لكتاب”الإخوان المسلمون الفلسطينيون: التنظيم الفلسطيني – قطاع غزة 1949-1967″،للباحث المميّز الأستاذ الدكتور “محسن صالح” ،رئيس “مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت”،الذي فرغت من قراءته…هذا الكتاب الذي يقدّم صورة كاملة عن “التنظيم الفلسطيني”في الفترة 1949-1967،بالإضافة إلى الكثير من المعلومات التي تنشر لأول مرة.
وهو دراسة علمية،خضعت لشروط البحث العلمي ومناهجه، وجرى تحكيم فصوله الأساسية وإجازتها علمياً. وقد سعى المؤلف إلى جمع المعلومات من مصادرها الأصلية قدر الإمكان؛ واستفاد بشكل كبير من التاريخ الشفوي، حيث قام بعمل عشرات المقابلات مع مجموعة من الشخصيات والرموز الإسلامية الفلسطينية ،التي لعبت دوراً قيادياً في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، والتقى هذه الشخصيات في بلدان إقامتها في :الأردن والكويت والسعودية والإمارات ولبنان ،على مدار سنوات عديدة. كما تواصل بالمراسلة مع عدد من الشخصيات والقيادات في الداخل الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.كما اعتمد على عشرات المراجع والمصادر العربية والأجنبية..هذ ا الكتاب يمثّل وثيقة تاريخية بالغة الاهمية عن جهاد “الاخوان المسلمون” ،ضد الاحتلال الصهيوني بعد العام 1948،فنحن قرأنا عن جهاد “الاخوان” في حرب عام 1948،وما كنا نعلم أن هذا الجهاد قد استمر سنوات عديدة بعد هذا التاريخ،ولولا بطش عبد الناصر بالإخوان في مصر ،وقطاع غزة جزءاً منها، لكان هناك انجازات هائلة على هذا الصعيد،كما أن هذا الكتاب يجيب على سؤال مهم وهو:لماذا كان هذا العدد الضخم من مؤسسي حركة “فتح” ،ينتمون ألى جماعة الاخوان؟والذي احصاهم الباحث بخمسين شخصية مركزية،شكّلت العمود الفقري للحركة،أبرزهم: الشهداء خليل الوزير(أبوجهاد) ،ومحمد يوسف النجّار،وكمال عدوان،وعبد الفتاح حمود، رحمهم الله،وهؤلاء كانوا يعملو ن في صفوف التنظيم الخاص (الجهاز العسكري للإخوان)، ونفّذوا عمليات عديدة ضد الاحتلال الصهيوني، وهم في صفوف الإخوان ،والذي كان مرجعيتهم في ذلك الوقت الراحل “كامل الشريف” رحمه الله،الذي قاد المقاومة السرية للإخوان ضد الانجليز، في منطقة قناة السويس في الأعوام بين(1950-1952).
أنصح بقراءة هذا الكتاب لكل الأخوة والاصدقاء،وأخصّ أبناء الحركة الإسلامية،ليتعرّفوا على تاريخ حركتهم ومآثرها،ويتعلّموا الدروس والعبر من هذا التاريخ.
*كاتب فلسطيني
(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)