مقالات

سلمان العودة .. رفع الله قدرك و الخزي للمستبدين !!

د. محمد حسّان الذنيبات
سلمان العودة، يفقد نصف بصره و سمعه في السجن،كما غرّد نجله قبل ساعات، وأشهد الله على حبك يا سلمان،وبغض من يعادون أولياء الله !
نقرأ في التاريخ عن قصص العلماء، الذين فتنوا و عذّبوا من أجل ارائهم ومواقفهم،ونغفل أحيانا عن أن الواقع فيه العشرات،و كننا نعفل ذكرهم، ونعمطهم حقهم ،بحجة أنهم معاصرون.
فبالله عليكم ،ما الذي يفرق سلمان العودة و أصحابه:عوض القرني ،ومحمد موسى الشريف،وعلي العمري،و خالد الراشد، والبقية عن سير العظماء من أئمتنا في التاريخ.
حين دخل يحيى بن معين،على أحمد بن حنبل،بعد عذابه في السجن بسبب رأيه في خلق القرآن… حاول يحيى أن يتعذّر للإمام أحمد بسكوته،وأنه اجتهد ،فكان مما قاله (إلّا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) .طبعا لم يكلّمه الإمام ، ولا التفت إليه،ولمّا خرج، قال أحمد لجلسائه يقول:(إلا من أكره،ولم يضرب سوطا واحدا في سبيل ذلك !!)
للشيخ سلمان العودة ،كتيب صغير عن العز بن عبدالسلام سلطان العلماء (يُقرأ في اقل من ساعة)،تستلذ فيه بما جمع من مواقف الرجولة و البطولة و الشجاعة و الحكمة و الانتماء للأمة،حين تجتمع في رجل بدءا بفتواه الشهيرة، ببيع الأمراء المماليك،مرورا ب فتواه بتحريم بيع السلاح للصليبيين في الشام، وعدم إباحته أخذ الضرائب من الناس -حتى لو كان لتجهيز للجهاد- قبل بيع الذهب و الحلي، التي يكنزها الأمراء في بيوتهم، وعرض في ذلك الكتيب،عناوين بعض كتب الامام العز ،فالاول عنوانه:(الفتن والبلايا و المحن و الرزايا) ،والآخر (ترغيب اهل الإسلام في سكنى الشام)،وقد كتبه تثبيتا لأهلها في مواجهة اجتياح الصليبين للشام ،وصولا إلى قصّته حين سجن في الشام ،وسمع الصليبين قراءته للقرآن، فقال الملك الطالح :(هذا أحد قساوستنا أمرت بسجنه لأنه يعارض تعاوننا) ،فقالوا له: (لو كان عندنا مثل هذا القسيس لغسلنا قدميه و لشربنا مرقتها) !!
ومما يروى عن عزالدين القسام قوله:”لقد تعلّمت العقيدة 20 عامًا، ودرّستها ،وعلّمتها للناس 20 عامًا أُخرى،فلمّا أذّن المؤذن للجهاد ،وذهبنا لملاقاة العدو إذا بي أولّي دبري هاربًا مع صوت الرصاص والمدافع
يقول حزنت لنفسي كثيرًا كيف أنا العالِم الكبير أهرب مع أول مواجهه ويفتّ في عضدي كل ما أؤمن به،وربيّت عليه الناس من عقيده وثبات لله فأخذت أُصلّي طوال الليل، أسال الله الإخلاص والثبات، واعتذرت إلى الله عما فعلت ،ثم يمّمت وجهي ناحية العدو وقاتلتهم وحدي فترة، حتى ولوّا هاربين من أمامي ،فعلمت وقتها، أن ما بيني وبين الله، هو إيماني وتقواي، وليس كتبي ودروسي وعلمي الشرعي”.
بسير هؤلاء الجبال ،نعرف الفرق بين العالم الحقيقي ،الآخر المزيّف، وقد كتب الشيخ سلمان العودة كتابا عن الأئمة الاربعة، يورد فيه بعض محنهم،وكلّهم تقريبا سجنوا و فتنوا من قبل السلطة، في فتاوى و اراء شرعية وهذا الحال لهؤلاء الكبار في الحاضر و في التاريخ يكشف بوضوح عظم تاريخنا،وأن كل محاولات تشويه علماء الأمة و رموزها،ممن لم يهادنوا ظالما، ولم يجاروا طاغوتا،ستبوء بالفشل.

*ناشط سياسي أردني

 (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق