وليد عبد الحي*
قبل ثلاثة ايام ، وبعد صلاة الجمعة في أحد مساجد استانبول ، ورد في تصريحات للرئيس التركي أردوغان العبارة التاليةحرفيا :”نأمل بعلاقات افضل مع إسرائيل،وأن العلاقات الاستخبارية بين تركيا واسرائيل لم تنقطع “.
واود التوقف عند عبارة ” العلاقات الاستخبارية لم تنقطع ” لأتساءل: ما هي موضوعات التنسيق الاستخباري المحتملة بين انقرة وتل ابيب ” المستمرة والتي لم تنقطع “؟!، مع ملاحظة ان هذا التصريح يترافق مع تقارير صحفية تركية وإسرائيلية وغربية عن قرار بتعيين سفير تركي جديد في تل ابيب ،بعد سحبه في عام 2018 ، ومن المحتمل العودة لمقرّ عمله في أذار(مارس) القادم.
إن الحديث عن تعاون استخبارتي امر يستحق التوقف عنده، فما هي الموضوعات التي يمكن ان تتبادل فيها تركيا المعلومات الاستخبارية مع إسرائيل، علما أن التعاون الأمني بين تركيا وإسرائيل، بدا بشكل قوي عام 1958، لكنه بلغ ذروته في بداية التسعينات من القرن الماضي، عندما تم توقيع اتفاق التعاون بين الموساد والمخابرات التركيةـ
ومعلوم أن الاتفاق بين الطرفين ينصّ على عدم خضوع رجال المخابرات الإسرائيلية للتفتيش أو المراقبة للأدوات التي يحملونها أثناء عبور الاراضي التركية للقيام بعمليات في الدول المجاورة.
لكن هذه العلاقة تعرّضت لبعض المشكلات خلال الفترة بين عام 2010 وعام 2012، بعد أحداث عام 2010 المعروفة(سفينة الاغاثة التركية لغزة)،وبعد عام 2012 نتيجة اتهام اسرائيل لتركيا، بأنها سرّبت للمخابرات الايرانية ،اسماء جواسيس إيرانيين يعملون مع الموساد، ويلتقون بهم في تركيا .
لكن التنسيق الاستخباراتي بين الموساد والمخابرات التركية ،عاد لوتيرته الأولى في بداية كانون أول (ديسمبر) الحالي 2020، بلقاء بين قيادة جهازي الاستخبارات التركي والموساد، وتم التركيز في اللقاء على موضوع سوريا وليبيا.
بناء على شبكة العلاقات بين اسرائيل وتركيا ، يمكن حدسا، طرح الموضوعات التالية، التي قد يدور الحوار الامني حولها بين الموساد والمخابرات التركية ،والتي أكّد أردوغان استمرارها:
أ- صلة إسرائيل بالأكراد في المنطقة يجعلها مخزن معلومات لتركيا.
ب- علاقة تركيا ببعض حركات المقاومة الفلسطينية، تمثّل مخزن معلومات لإسرائيل، وسبق لإسرائيل أن أثارت اعتراضها على منح تركيا بعض قيادات حماس جوازات سفر تركية.
ت- بعض نقاط التلاقي بين الطرفين لتبادل المعلومات،تجاه السياسات الايرانية بخاصة في سوريا.
ث- تبادل المعلومات حول الأوضاع الداخليةفي سوريا سياسيا وعسكريا واقتصاديا.
ج- بعض المعلومات الخاصة بغاز شرق المتوسط، واحتمالات الخلاف بين الدول المشاطئة للبحر الابيض المتوسط.
ح- التعاون في مجال تسريب بعض التقنيات العسكرية الثنائية أو الروسية والامريكية من كل منهما للآخر.
خ- التنسيق الأمني المحتمل في سياستهما المتقاربة جدا ،خلال الأزمة بين إذربيجان وإرمينيا وبعدها.
د- تبادل المعلومات بخصوص دراسة وفهم التوجّهات الفرنسية في المنطقة وفي شرق المتوسط
ماذا يعني ذلك؟!
من التسرّع مطالبة تنظيمات المقاومة بقطع العلاقات مع تركيا ، ولكن العرب قالت قديما “:من مأمنه يُؤتى الحَذِر”. بخاصة أن الشريك الأول في التجارة والسياحة لإسرائيل، هي تركيا !
*باحث استراتيجي
(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)
زر الذهاب إلى الأعلى