وأخيرا، وبعد ثلاثة عقود، هيمن خلالها، على المشهد الرياضي، يمكن القول: إن ظاهرة مرتضى منصور، قد انتهت، وإنه دخل مرحلة الأفول، بعد أن رُفُع عنه ” الغطاءان” السياسي والأمني، وسط ارتياح واسع ومزدوج في أوساط النخب ، والأوساط الشعبية.
لقد كان مرتضى منصور، سليطا وبذئ اللسان، وخاض معارك مع من يختلف معهم في الرأي، وأصبح خصما لكثير من الشخصيات والجهات، استخدم فيها سلاح الشتائم، وتهديد خصومه، والمختلفين معه بنشر فضائحهم،عبر مزاعم بوجود “سيديهات” لهم عنده، ويعني بذلك أشرطة مسجّلة بالصوت والصورة، لممارسات غير أخلاقية !… وعلى الرغم من أنه لم ينفّذ تهديداته تلك، بحق الشخصيات التي خاصمها، ولم يبرز ما لديه، ممّا أفقده المصداقية،فإن تهديده بوجود مثل هذه الأشرطة لديه، كان يثير تساؤلا دائم عن كيفية وجودها أو وصولها إليه، إذ إن الأجهزة الأمنية فقط، هي التي تملك مثل هذه ” السيديهات” ؟!… لقد خاض مرتضى مواجهات ومعارك إعلامية وقضائية ،مع النادي الأهلي غريم نادي الزمالك ،الذي يرأس مجلس إدارته، وكان دائما يصنع مُناخا يسوده التوتّر والجفاء بين قيادتي الناديين، وهو ما كان يزيد في درجة الكراهية والتعصّب بين جماهير الناديين، اللذين يُعدّان الأكثر جماهيرية وشعبية في مصر. كما دخل في مواجهات مع شخصيات رياضية داخل نادي الزمالك، ناهيك عن شخصيات إعلامية وسياسية وفنيّة.
لقد كان مرتضى خلال عهد مبارك السابق، وعهد السيسي اللاحق، يتحرّك بحماية وغطاء من جهات سيادية، لذا هاب الكثيرون الدخول معه في مواجهات، كان يخرج منها منتصرا في النهاية !… وقد كانت كلمة السر في ذلك،هي الدعم اللامحدود الذي يتلقّاه من تلك الجهات السيادية، مقابلها كان مرتضى من رجال نظام حسني مبارك، ثم نقل “البندقية” بعد ذلك، ليصبح من رجال نظام عبدالفتاح السيسي، وهو الأمر الذي لم يدم طويلا، إذ صدرت الأوامر والتوجيهات من رأس النظام، بضرورة إنهاء هذه الظاهرة إلى الأبد، وبدأ المسلسل بسقوط نجله المحامي أحمد مرتضى في انتخابات مجلس الشيوخ ، ثم سقوط مرتضى في انتخابات مجلس الشعب، بعد أن كان عضوا فيه منذ عام ٢٠١٤م، وأخيرا وليس آخرا، صدور قرار حل مجلس إدارة نادي الزمالك، الذي يرأسه مرتضى منصور، إذ أصدر وزير الشباب والرياضة، أشرف صبحي قرارا، يحمل رقم 520 لسنة 2020،بتاريخ 29 تشرين ثاني (نوفمبر) 2020، جاء فيه:
أولاً: فيما يتعلّق بنادى الزمالك للألعاب الرياضية
• إحالة المخالفات الماليه الواردة بالتقرير، وما تضمّنه من مخالفات للنيابة العامة.
• وقف واستبعاد مجلس إدارة نادى الزمالك،والمدير التنفيذي ،والمدير المالي من إدارة شئون النادي بصفة مؤقتة ،لحين انتهاء تحقيقات النيابة العامة،وما سوف تسفر عنه من نتائج، أو لحين انتهاء المدة القانونية المقرّرة قانوناً لمجلس الإدارة، أيّهما أقرب.
• تكليف مديرية الشباب والرياضة بالجيزة،باعتبارها الجهة المختصة بالإشراف على نادى الزمالك، وتشكيل لجنة مؤقتة لإدارة شئون النادى، واختيار من يقوم بعمل المدير التنفيذي، وضمّه لعضوية اللجنة.
إن هذه القرارات ما كانت لتصدر، لولا أن قرار إنهاء ظاهرة مرتضى منصور، وإخراجه من المشهدين السياسي والرياضي،قد صدر من رأس النظام، الذي بات يتحكُم بكل ما يجري في مصر، ويتخلّص من الأشخاص، الذين يتنامى نفوذهم، أو تزيد شعبيتهم، أو يخرجون عن المسار المقرّر لهم( ظاهرة الفنّان محمد رمضان مثالا).وفي الوقت نفسه، يكون هؤلاء قد تحوّلوا إلى عبء على النظام.
إن ما جرى لمرتضى منصور ، هو درس كبير متكرّر ،ينبغي استلاله ، وإدراك معانيه، أن الرهان على الطغاة والنظم الاستبدادية ، والاستناد إليها، كما كان عليه مرتضى، لن يطول أو يدوم، فما طار طير وارتفع، إلّا كما طار وقع!… إن السيرة الحسنة، وحب الناس، والسلوك الأخلاقي والقيمي، هو الذي يشكّل الحماية الحقيقية للإنسان، وهو الرصيد الذي يلقى فيه ربّه… إنّها نهاية بائسة ووخيمة، لهذا الرجل، الذي لم يجد تعاطفا، بل شماتة كبيرة، إنها حكاية عنوانها: مرتضى منصور… نهاية رجل” قذر “!