رحيل مفاجئ وحزين للشخصية النيابية الأردنية الجدلية يحيي السعود !
656 دقيقة واحدة
فاز في الدورات النيابية الأردنية الثلاث الأخيرة، وكان يستعد للفوز بالدورة النيابية الرابعة على التوالي، ولكن قبل أسبوع واحد فقط من فوزه المتوقّع، غادر الحياة فجأة، بحادث سير مروّع، إذ تدهورت مركبته على الطريق الصحراوي الجنوبي في الأردن، الذي أضحى مقصلة لمئات الأردنيين، الذين لفظوا أنفاسهم على جنباته، ولعلّ من أبرزهم، نقيب المعلّمين السابق محمد الحجايا. إنه النائب يحيي محمد السعود، الذي يختلف المراقبون السياسيون في تقييم أدائه السياسي، ولكن أغلبهم يجمع على أنه كان ” مِلح” مجالس النوّاب ،التي شارك فيها،إذ كانت مناكفاته، ومشاجراته،وتعليقاته، لها نكهتها الخاصة المميّزة، والتي كانت تحرّك المياه الراكدة في المجالس،التي كانت تعاني من وجود أغلبية نيابية، لا تفتقر إلى الأهلية والقدرة فحسب، بل كانت تصطف دائما مع الحكومات” ظالمة ومظلومة”، وتقدّم أداء رديئا ، يجعل صورة المجالس باهتة، تحتاج إلى من يضفي عليها بعض الحيوية، فكان السعود، هو ذلك الرجل، الذي تحوُل إلى ” نجم”، يراقب الناس حركاته وسكناته !… ولعل ّما امتاز به السعود، أن أداءه عموما، تطوّر من مرحلة إلى أخرى، ولعلّ ما يحسب له، تولّيه رئاسة لجنة فلسطين النيابية، التي جعل لها دورا مميّزا وبارزا، وبقي على رأسها، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، كما أنه في الوقت الذي بدا في مراحله الأولى معارضا شرسا للحركة الإسلامية ونوّابها، فإنّه ” تصالح” معها، وتجنّب المواجهة معها في مراحل لاحقة، كما أرادت جهات معيّنة، أن تضعه في مواجهتها !… لقد كان السعود، خلال حياته السياسية القصيرة، وعمره الذي لم يتجاوز (٥٥) عاما، شخصية جدلية، وكانت الاتّهامات تطاله من فئات كثيرة، خصوصا لطبيعة علاقاته مع السلطات الرسمية، ولكن السعود نجح في الجمع بين المتناقضات، وحاز على شعبية واسعة، في أوساط الفئات الفقيرة والمهمّشة والمستضعفة، التي كان أغلبها من المكوّن الفلسطيني، في دائرته الانتخابية.ولعلّ شعبيته انطلقت من الخدمات الإنسانية والاجتماعية الواسعة،التي كان يقدّمها للفئات المذكورة . رحل السعود بغتة، ومعه شقيقه الأكبر ( عمر)، الذي كان بجواره في المركبة، ونجّى الله ابنيه، اللذين كانا في المقاعد الخلفية، وسيبقى السعود ” ظاهرة “، مرّ طيفها بثلاثة مجالس نيابية، يذكر فيها الناس مواقفه الطريفة ، خصوصا تلك التي قال فيها لزميلته هند حاكم الفايز عدّة مرّات في إحدى الجلسات: ” اقعدِ ياهند “!… قعدت هند، ولكن السعود لم يقعد، ورحل سريعا إلى العادل الرحيم !