مقالات

في ذكرى صفقة وفاء الأحرار

ساري عُرابي*

 صفقة وفاء الأحرار، واحدة من أعظم حوادث التاريخ، من حيث الفاعلية الإنسانية، ذلك إذا أخذناها في سياقاتها الفلسطينية الخاصة، فهي تتويج لإرادة ولدت مع حركة تسعى، وهي في مهدها لتحرير الأسرىقبل أن يكون لها عدد أسرى يذكر في السجون، فالفكرة في أصلها وجذرها عندها وطنية خالصة متعالية على الأهداف الخاصة، وعلى الأرجح لن نجد في تاريخ الصراع مع العدوّ جهة بذلت ما بذلته هذه الحركة لتحرير الأسرى، وعدد مجموعاتها وأسراها الذين حاولوا في هذا الموضوع، ومحاولاتها الناجحة وشبه الناجحة والفاشلة في أسر الجنود يشهد لها.
استمرار هذه الإرادة بلا كلل، هذه العقود كلها، ثم بلوغ المرحلة التي يمكنها فيها الاحتفاظ بجندي أسير حيّ داخل الوطن، حيث قدرات العدوّ المباشرة، وفي بيئة مكشوفة أمنيًّا ومحفوظة للعدوّ.. ذو دلالة بالغة على الجدّية والمصداقية في الانتماء لهذا المشروع والإخلاص له، أي مشروع المقاومة، وفي جعل قضية الأسرى واحدة من أهدافها الإستراتيحية، لأسباب شرعية، وإنسانية، ولحاجة المشروع نفسه إلى تحقيق إنجازات واضحة ومؤكّدة، والتأكيد للمقاتل المنتمي للمشروع بأنّ خلفه من يسعى لتحريره، ولكسر إرادة العدوّ في صراع من لوازمه تسجيل النقاط المتراكمة المادّية والمعنوية.
للمفارقة العجيبة، وبسبب التشوّهات المرضية التي أصابت الحركة الوطنية، ومنها تشوّهات من جنس الكراهية الأيديولوجية والحسد السياسي.. هذه الحركة طالما شُكّك في مصداقيتها المقاوِمة في مهزلة لافتة، بالرغم من هذه العقود المتصاعدة في الثبات على الخطّ نفسه.
وعلى كلّ حال.. هذه واحدة من نماذج انتصار إرادة الضعفاء في ظرف مستحيل.

*كاتب وباحث فلسطيني

 (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق